إلى الله عز وجل بتكثير الطرق، وكلهم مجاهيل، وأبان وأبو هدبة وموسى الطويل، ثلاثتهم هلكي، ومع ذلك لا أراهم إلا أبرياء من هذا الحديث، وإلا لاشتهر في زمانهم.
فما باله لم يُعرف له أثر إلا بعد أن وضعه الجويباري في القرن الثالث؟
وأبو قتادة الحراني فسد بأخرة، ومع ذلك لا أراه إلا بريئا من هذا، وحماد الذي روى عنه، عن رجل، عن نافع، عن ابن عمر: لا أدري من هو، وربما يكون المقصود حماد بن أبي حنيفة، فإنه قد قيل إنه يروي عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر، فكأن بعضَ المجاهيل سمع بذلك، فرَكَّبَ السندَ إليه بهذا الحديث، فاستحيا النضري عن أن يقول عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر، فيكون أشنع للفضيحة فكنى عن مالك برجل!
هذا، ومن شأن الدَّجَّالين أن يُرَكِّبَ أحدُهم للحديث الواحد عدةَ أسانيد؛ تغريرا للجهال، وأن يضعَ أحدُهم فيسرق الآخر، ويركب سندا من عنده، ومن شأن الجهال المتعصبين أن يتقربوا بالوضع والسرقة وتركيب الأسانيد.
وقد قال أبو العباس القرطبي:"استجاز بعض الفقهاء أهل الرأى نسبة الحكم الذي يدل عليه القياس إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- .... ولهذا ترى كتبهم مشحونة بأحاديث تشهد متونها بأنها موضوعة؛ لأنها تشبه فتاوى الفقهاء ... ولأنهم لا يقيمون لها سندا صحيحا.
وقد أشار إلي هذا ابن الصلاح بقوله: "وكذا المتفقهة الذين استجازوا نسبة ما دل عليه القياس الى النبي -صلى الله عليه وسلم-". اهـ.
• وقال الشيخ المعلمي في ترجمة (٩) منه:
"كثرة الغرائب إنما تضر الراوي في أحد حالين:
الأولى: أن تكون مع غرابتها منكرة عن شيوخ ثقات بأسانيد جيدة.
الثانية: أن يكون مع كثرة غرائبه غير معروف بكثرة الطلب.