كان ابن الثلجي من أتباع بشر المريسي، جهميًا، داعية، عدوًا للسنة وأهلها، قال مرة: عند أحمد بن حنبل كتب الزندقة، وأوصى أن لا يُعطى من وصيته إلا من يقول: القرآن مخلوق. ولم أر من وثقه، بل اتهموه وكذبوه، قال ابن عدي: كان يضع أحاديث في التشبيه، وينسبها إلى أصحاب الحديث، يثلبهم بذلك، وذكر ما رواه عن حبان بن هلال، وحبان ثقة، عن حماد بن سلمة، عن أبي المهزم، عن أبي هريرة مرفوعا:"إن الله خلق الفرس فأجراها فعرقت ثم خلق نفسه منها"، وكذبه أيضًا الساجي، والأزدي، وموسى بن القاسم الأشيب.
فأما ما نُسب إليه من التوسع في الفقه وإظهار التعبد، فلا يدفع ما تقدم.
وحكايته هذه يلوح عليها الكذب، إبراهيم بن عبد الرحمن بن مهدي وُلد أبوه سنة ١٣٥، فمتى ترى وُلد إبراهيم؟ ومولد ابن الثلجي كما ذَكر عن نفسه سنة ١٨١ فمتى تراه سمع من إبراهيم؟ وفي ترجمة قيس بن الربيع من "التهذيب" شيء من رواية ابن المديني، عن إبراهيم، عن أبيه، وهذا يُشعر بأنه عاش بعد أبيه، وأبوه مات سنة ١٩٨، فإذا كان إبراهيم مات سنة ٢٠٠، فمتى تراه ولد؟ وقد قال الخليلي:"مات وهو شاب، لا يعرف له إلا أحاديث دون العشرة، يروي عنه الهاشمي جعفر بن عبد الوارث أحاديث أنكروها على الهاشمي، وهو من الضعفاء". وحماد بن سلمة توفىِ سنة ١٦٧، ومقتضى ما تقدم أن يكون إبراهيم حينئذ إما صبيا، وإما لم يولد، فمتى صحب حماد بن سلمة حتى عرف حديثه، وعرف أنه لم يكن يروي تلك الأحاديث حتى خرج إلى "عبادان"، وكيف عرف هذا الأمر العظيم، ولم يعرفه أبوه وكبار الأئمة من أقران حماد وأصحابه؟ وكلهم أبلغوا في الثناء على حماد كما يأتي، ولا داعي إلى الحمل على إبراهيم لأنه لم يوثقه أحد، وذِكر ابن حبان له في "الثقات" لا يجدي؛ لأنه لم يثبت عنه أحاديث كثيرة يعرف باعتبارها أثقة هو أم لا؟ ولا إلى أن يقال: لعل إبراهيم سمع ذلك من بعض الهلكى، بل الحمل على ابن الثلجي كما ذكر الذهبي.