وفي تلك المواضع كلها يكون اجتهاده في "الفوائد" أقرب إلى الصواب -في نظري- وإنّما جرى في "التنكيل" أحيانًا مجرى التسمُّح والاعتذار عن الرَّجل، ورُبّما ساعد على ذلك كلامُه هناك بنفسيةٍ "دفاعيةٍ" بخلاف تعامله في "الفوائد" مع ما للرجل من أحاديث واهية أو باطلة.
انظر على سبيل المثال تراجم: حفص بن سليمان الأسدي، وعبد الله بن زياد ابن سمعان، وأحمد بن محمّد بن يوسف بن دوست العلاف، وخالد بن يزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك، ونعيم بن حماد، ومحمد بن جابر اليمامي، وغيرهم، مع تعليقي عليها.
وبعْدُ، فإني وإِنْ كنتُ قد تجشّمْتُ ما لستُ له بأهلٍ، فإني أرجو الله سبحانه أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجه، وأن ينفعني به، وينفع به كلّ مريدٍ لسُلوك سبيلِ الحقِّ، وأن أكون قد قمتُ ببعض الواجبِ في حقّ هذا العالم الرّبّانِي، عملًا بوصيته بالنظر فيما أبداه في الحكم على الرواة والأخبار، فرأيت أن أجمع في ذلك مجموعًا حاولت فيه استيفاء ما خلّفهُ الشيخ وراءه من هذا الميراث العظيم، ليكون مجموعًا للناظرين، ولمن أراد أن يُحقِّق النظر من أهل العلم، وقد نظرتُ بما فتح الله به، ولعلّ من يطلع على ما جمعناه، ممّن يؤيده الله بفكرٍ صحيح وعلمٍ مبينٍ، يغوص من مسائله على أكثر مما كتب الشيخ، ومما علّقْتُ بن فليس على مستنبطِ الفنِّ إحصاءُ مسائله، وإنما عليه تعيينُ موْضعِ العلّمِ وتنويعُ فُصُولهِ، وما يُتكّلمُ فيمع والمتأخِّرُ يُلِحْقُ المسائل من بعده شيئًا فشيئًا إلى أن يكمل، والله تعالى الموفق.
وختامًا، فمنْ عثر في هذا الكتاب على وهمٍ أو تحريفٍ أو خطأٍ أو تصحيفٍ، فليصلحْ ما عثر عليه من ذلك، وليسلكْ سبيل العلماء في قبُولِ العُذْرِ هُنالك. وليتفضل بإبلاغي به، وله المنة بذلك.