وهكذا ما يُروى عن ابن معين، قال في إبراهيم:"رأيته ينظر في كتاب، وابن عيينة يقرأ، ولا يغير شيئًا، ليس معه ألواح ولا دواة"، فالكتاب الذي كان ينظر فيه سماعُه القديم من ابن عيينة، فكان يعيدُ سماعَه؛ ليتثبت، وقد عرف عادة ابن عيينة في الرواية بالمعنى، فلم يكن يلتفت إلى اختلاف بعض الألفاظ، ولعله لو رأى اختلافا معنويا لراجع ابن عيينة، إما في المجلس وإما بعده.
وقد جاء عن يحيى القطان أنه ذكر لابن عيينة ما قد يقع في حديثه من اختلافٍ، فقال ابن عيينة:"عليك بالسماع الأول، فإني قد سئمت" كما في "فتح المغيث" ص ٤٢٩.
وفي "التهذيب": "وقال أحمد: كأن سفيان الذي يروي عنه إبراهيم بن بشار ليس هو سفيان بن عيينة. يعني مما يغرب عنه، وكان مكثرا عنه".
أقول: وحُقَّ لمن لازم مثل ابنِ عيينة في كثرة حديثه عشراتِ السنين أن يكون عنده عنه ما ليس عند غيره ممن صحبه مدة قليلة.
نعم، قال البخاري في إبراهيم: يهم في الشيء بعد الشيء، وهو صدوق. وأورد له حديثا رواه ابن عيينة مرفوعا (١)، وغيره يرويه عن ابن عيينة مرسلا، قال ابن عدي: لا أعلم أُنكر عليه إلا هذا الحديث الذي ذكره البخاري، وباقي حديثه مستقيم، وهو عندنا من أهل الصدق.
أقول: فإن كان وهم في هذا، فهو وهم يسير في جانب ما روى، فالرجل ثقة ربما وهم، والسلام". اهـ.