غيرِه في كتاب، ولم يُثبت اسمَه فيه، ثم رأى ذلك الكتاب، وهو واثق بحفظه، فحدَّث منه بما كان سمعه، أو تكون له إجازةٌ بجزءٍ معروفٍ، ولا أصل له به، ثم رأى نسخةً موثوقًا بها منه، فحدَّث منها.
نعم، كان المبالغون في التحفظ في ذاك العصر لا يحدث أحدهم إلا بما في أصوله، حتى إذا طولب أبرزَ أصلَهُ، ولا ريب أن هذا أحوط وأحزم، لكنه لا يتحتم جرحُ مَنْ أخَلَّ بذلك إذا كانت قد ثبتت عدالته وأمانته وتيقظه، وكان ما وقع منه محتملًا لوجهٍ صحيح.
وقد قال أبو علي ابن الصواف:"كان النجادُ يجيء معنا إلى المحدثين ونعله في يده، فيقال له في ذلك، فيقول: أحب أن أمشي في حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حافيًا" .... وكان ابن رزقويه يقول:"النجاد ابن صاعدنا".
قال الخطيب:"عني بذلك أن النجاد في كثرة حديثه، واتساع طرقه، وأصناف فوائده لمن سمع منه، كابن صاعد لأصحابه؛ إذ كل واحد من الرجلين كان واحدَ وقته".
وقال الخطيب:"كان صدوقًا عارفًا، صنف كتابا كبيرًا في السنن، وكان له بجامع المنصور حلقةً قبل الجمعة للفتوى، وحلقة بعدها للإملاء" هكذا في "تذكرة الحفاظ"(ج ٣ ص ٨٠)، وقال الذهبي أول الترجمة:"النجاد الإمام الحافظ الفقيه شيخ العلماء ببغداد".
وقد روى عنه الأئمة؛ كالدارقطني وابن شاهين والحاكم -وأكثر عنه في المستدرك- وابن منده وابن مردوية وغيرهم، ولم يُنْكَرْ عليه حديثٌ واحدٌ.
الثقةُ تثبتُ بأقل من هذا، ومن ثبتت عدالته، لم يُقبل فيه الجرح إلا ببينة واضحة، لا احتمال فيها، كما تقدم في القواعد. والله الموفق". اهـ.