والأزهري وإن ذكر التساهل، فقد عقبه بقوله:"وكان مع ذلك ثقة"، فهذا يقضي أنه إن ساغ أن يسمى ما وقع منه تساهلا، فهو تساهل عرفي، لا يخدش في الثقة والتيقظ والحجة.
وهذا إنما يكون بفرض أن ذاك الكتاب الذي قرأ منه كان موثوقا به، وبمطابقته لأصل ابن حيويه، وإنما فيه أنه ليس هو أصله الذي كتب عليه سماعه، وقد كانوا يكرهون مثل هذا، وذلك من باب سد الذريعة".
قال الكوثري: "رواية الخزاز لو كانت عن كتابِ أحدِ شيوخه، لكانت روايته من أصل شيخه، ولما كان يُرمى بالتسامح".
فقال الشيخ المعلمي:
"علي بن موسى أبو الحسن ابن الرزاز شيخُ الخزاز حَتْما، ثم هناك احتمالان:
الأول: أن يكون شيخَه في ذاك الكتاب.
الثاني: أن لا يكون شيخَه فيه، وإنما سمعه الخزاز من رجل آخر.
فعلى الأول -وهو الذي بنى عليه الأستاذ- فصورةُ التساهلِ موجودةٌ.
فإنه من المقرر عندهم أن التلميذ إذا سمع وضبط أصله، ثم بعد مدة وجد في أصل شيخه زيادةً أو مخالفةً لما في أصله، لم يكن له أن يروي إلا ما في أصله.
وقد قال حمزة السهمي في "تاريخ جرجان"(ص ١٢٢ - ١٢٣): "أخبرنا أبو أحمد ابن عدي .... أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم -في كتابي بخطي: عثراتهم- ورأيت في كتاب ابن عدي بخطه: عقوبتهم".
فلو أن حمزة روى ذاك الحديث، وقال:"عقوبتهم"، ثم رأى أهلُ العلم أصلَه، وفيه:"عثراتهم"، فراجعوه في ذلك، فقال: نعم، ولكني بعد سماعي بمدة رأيت في أصل شيخي:"عقوبتهم"، لَعَدُّوا هذا تساهلا.