فأما مسلم، فإنه كان له حين مات رجاء نحو ست عشرة سنة، وهو بلديه، ويمكن أن يكون سمع منه وهو صغير، فلم ير مسلم ذلك سماعا لائقًا بأن يعتمده في "الصحيح".
ويمكن أن يكون مسلم تشاغل أول عمره بالسماع مِمَّن هو أسنُّ من رجاء، وأعلى إسنادًا، ففاته رجاء.
وأما البخاري فقد ذكر "الكمال" أنه روى عنه، لكن قال المزي:"لم أجد له ذكرًا في الصحيح"، فقد لا يكون البخاري لقيه، وقد يكون لقيه مرة، فلم يسمع منه إلا شيئًا عن شيوخه الذين أدرك البخاري أقرانهم، فلم يحتج إلى النزول بالرواية عن رجاء.
فتحصل من هذا أنهم إنما لم يخرجوا عنه إيثارًا للعلو من غير طريقه، على النزول من طريقه.
هذا، وقد روى عنه الإمام أحمد، وروى عنه أيضًا إبراهيم بن موسى، وأبو حاتم، وقال:"صدوق"، وقال الحاكم:"ركن من أركان الحديث". اهـ.
• وفي ترجمة: محمد بن معاوية الزيادي منه (٢٣٤):
قال الكوثري (ص ١٨): "والزيادي ممن أعرض عنهم الأئمة الستة في أصولهم .. ".
فقال الشيخ المعلمي:
"قد قدمنا مرارا أن كونهم لم يخرجوا للرجل ليس بدليلٍ على وهنه عندهم، ولا سيما من كان سنُّه قريبا من سِنِّهم وكان مقلا كهذا الرجل، فإنهم كغيرهم من أهل الحديث إنما يُعنُون بعلو الإسناد، ولا ينزلون إلا لضرورة.
وقد روى النسائي عن هذا الرجل في "عمل اليوم والليلة"، وقال في مشيخته: "أرجو أن يكون صدوقا، كتبت عنه شيئا يسيرا"، وإنما قال: "أرجو ... " لأنه إنما سمع منه شيئا يسيرا، ولم يتفرغ لاختباره؛ لاشتغاله بالسعي وراء مَنْ هُم أعلى منه