للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكلامُه في الأعمش ليس فيه جرحٌ، بل هو توثيقٌ، وإنما فيه ذَمٌّ بالتشيع والتدليس، وهذا أمرٌ متفقٌ عليه: أن الأعمش كان يتشيع ويدلس، وربما دلس عن الضعفاء، وربما كان في ذلك ما يُنكر.

وهكذا كلامه في أبي نعيم، فأما عبيد الله بن موسى فقد تكلم فيه الإمام أحمد وغيره بأشد من كلام الجوزجاني.

وتكلم الجوزجاني في عاصم بن ضمرة، وقد تكلم فيه ابن المبارك وغيره، واستنكروا من حديثه ما استنكره الجوزجاني، راجع "سنن البيهقي" (٣/ ٥١).

غاية الأمر أن الجوزجاني هَوَّلَ.

وعلى كل حالٍ، فلم يَخرج من كلام أهل العلم، وكأن ابن حجر توهم أن الجوزجاني في كلامه في عاصم يُسِرُّ حَسْوا في ارتغاء (١)، وهذا تخيل لا يُلتفتُ إليه.

وقال الجوزجاني في يونس بن خباب: "كذاب مفتر"، ويونس وإن وثقه ابن معين، فقد قال البخاري: "منكر الحديث"، وقال النسائي مع ما عرف عنه: "ليس بثقة"، واتفقوا على غُلُوِّ يونس، ونقلوا عنه أنه قال: إن عثمان بن عفان قَتل ابنتي النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأنه رَوى حديث سؤال القبر، ثم قال: هاهنا كلمة أخفاها الناصبة، قيل له: ما هي؟ قال: إنه ليُسألُ في قبره: من وليك؟ فإن قال: عليٌّ، نجا! فكيف لا يُعذر الجوزجاني مع نصبه أن يعتقد في مثل هذا أنه كذاب مفتر؟


(١) يضرب هذا المثل لمن يُظهر أمرا ويريد غيره، قال الأصمعي: أصلُهُ: الرجل يُؤْتَى باللبن، فيُظهر أنه يريد الرغوة خاصة ولا يريد غيرها، فيشربها، وهو في ذلك ينال من اللبن، والإرتغاء هو شرب الرغوة يقال منه: ارتغيت ارتغاء. انظر كتاب "فصل المقال في شرح كتاب الأمثال" لأبي عبيد البكري (ص ٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>