"كان يُذكر أنه سمع من أبي عبد الله ابن بطة وغيره، إلا أنه لم يرو شيئًا، وكان مضطلعًا بعلوم كثيرة، منها: النحو، واللغة، ومعرفة النسب، والحفظ لأيام العرب، وأخبار المتقدمين، وله إنس شديد بعلم الحديث".
فقال الشيخ المعلمي:
"فقد كان ابن برهان على بدعته من أهل العلم والزهد والمنزلة بين العلماء, ومحمد ابن عبد الملك الهمذاني لا أعرف ما حاله؟ وقد ذكر ابن حجر أنه بالَغَ.
وقد تصرف ابن الجوزي في عبارة الهمذاني؛ ففي موضعٍ زاد فيها: "ويقبلهم"، وحذف: "من غير ريبة"، وفي موضعٍ زاد: "الصباح فيقبلهم"، وإنما أخذ الصباحة والتقبيل من قصة المكتب.
وقد كان ببغداد في ذاك العصر عددٌ كثيرٌ من مشاهير العلماء، ما منهم إلا من يُخالفُ عبدَ الواحد في العقيدة والمذهب أو أحدهما.
وكان عبدُ الواحد على غاية الصيانة؛ ذكروا أنه: "لما ورد الوزيرُ عميدُ الدين إلى بغداد، استحضره، فأعجبه كلامه، فعرض عليه مالًا، فلم يقبله، فأعطاه مصحفًا بخَطِّ ابنِ البواب وعكازةً حُملت إليه من الروم مليحة، فأخذهما، فقال له أبو علي ابن الوليد المتكلِّم: أنت تحفظ القرآن وبيدك عصا تتوكأ عليها، فلم تأخذ شيئًا فيه شبهة؟
فنهضَ ابنُ برهان في الحال إلى قاضي القضاة ابن الدامغاني، وقال له: لقد كدتُ أهلكُ، حتى نبهني أبو علي بن الوليد، وهو أصغر سنًا مني، وأريد أن تعيد هذه العكازة والمصحف على عميد الدين فما يصحباني، فأخذهما وأعادهما عليه".
أفما كان في ذاك الجمِّ الغفيرِ من أهل العلم مَنْ يُنكرُ على ابن برهان ما نَسبه ابنُ الجوزي إليه؟!