فَمِنْ هذا: أن الحجاج بن أرطاة عند الدارقطني "صدوق يخطيء"، فلا يُحتج بما ينفرد به، واختلفت كلماتُه فيه في (السنن):
فذكره (ص ٣٥) في صَدَدِ حديثٍ وافقَ فيه جماعةً من الثقات، فعَدَّهُ الدارقطني في جملة "الحفاظ الثقات".
وذكره (ص ٥٣١) في صَدَدِ حديثٍ أخطأَ فيه، وخالفَ مسعرًا وشريكًا، فقال الدارقطني:"حجاج ضعيف".
وذكره في مواضع أخرى فأكثر ما يقول:"لا يحتج به".
وعلى هذا ينزل كلامُه في ابن أبي ليلى؛ فإنه عنده "صدوق سيء الحفظ"، ففي ص ٤٦ ذكر حديثًا رواه إسحاق الأزرق، عن شريك، عن ابن أبي ليلى، عن عطاء، عن ابن عباس مرفوعًا، في طهارة المني، وذكر أن وكيعًا رواه عن ابن أبي ليلى عن عطاء عن ابن عباس من قوله.
وقد رواه الشافعي، عن ابن عيينة، عن عمرو بن دينار وابن جريج، كلاهما عن عطاء، عن ابن عباس من قوله.
فالحديثُ صحيحٌ عن ابن عباس من قوله، وقد رواه وكيع، وهو من الثقات الأثبات، عن ابن أبي ليلى كذلك، ورواه شريك عن ابن أبي ليلى فرفعه، فحالُ ابن أبي ليلى في هذا الحديث جيدةٌ؛ لأنه في أثبت الروايتين عنه وافقَ الأثبات، وفي رواية الأزرق عن شريك عنه رفعه، وقد يحتمل أن يكون الخطأ من الأزرق أو من شريك فإن الأزرق ربما غلط، وشريكًا كثير الخطأ أيضًا، وقد رواه وكيع عن ابن أبي ليلى على الصواب؛ فلهذا اقتصر الدارقطني على قوله:"لم يرفعه غير إسحاق الأزرق عن شريك، محمد بن عبد الرحمن هو ابن أبي ليلى ثقة في حفظه شيء". وفي ص ٨٩ ذكر حديثًا رواه الجَبَلان: سفيان وشعبة، عن عمرو بن مرة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى