للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شهيد وفود إلى الله، وبها صفوف الشهداء، رءوسهم مقطعة في أيديهم، تثج أوداجهم دمًا، يقولون: {رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ} فيقول: صدق عبيدي، اغسلوهم بنهر البيضة، فيخرجون منها أنقياء بيضا، فيسرحون في الجنة حيث شاءوا (١).

هذا الحديث أورده ابن الجوزي في الموضوعات، وقال في إسناده: أبو عقال هلال بن زيد، يروي عن أنس أشياء موضوعة.

وقال ابن حجر في القول المسدد: وهذا الحديث في فضائل الأعمال والتحريض على الرباط، وما يحيله الشرع ولا العقل. فالحكم عليه بالبطلان بمجرد كونه من رواية أبي عقال لا يتجه.

وطريق الإِمام أحمد معروفة في التسامح في أحاديث الفضائل دون أحاديث الأحكام.

قال الشوكاني:

هذا كلامه، ولا يخفاك أن هذه مراوغة من الحافظ ابن حجر، وخروج من الإنصاف. فإن كون الحديث في فضائل الأعمال، وكون طريقة أحمد رحمه الله معروفة في التسامح في أحاديث الفضائل: لا يوجب كون الحديث صحيحًا ولا حسنًا، ولا يقدح في كلام من قال في إسناده وضاع، ولا يستلزم صدق ما كان كذبًا وصحة ما كان باطلًا.

فإن كان ابن حجر مُسلم أن أبا عقال يروي الموضوعات، فالحق ما قاله ابن الجوزي، وإن كان ينكر ذلك، فكان الأولى به التصريح بالإنكار والقدح في دعوى ابن الجوزي.


(١) أخرجه: أحمد (٣/ ٢٢٥)، وابن عدي في "كامله" (١/ ٢٩٨)، وابن الجوزي في "الموضوعات" (١/ ٣٥٨ - ٣٥٩).
ومداره على أبي عقال عن أنس مرفوعًا به.
وقال الذهبي في ترجمة أبي عقال من "الميزان" (٥١٢٤): "وهو باطل".

<<  <  ج: ص:  >  >>