للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن حجر: كأنه أومى إلى أن مخلدًا لين هذا الحديث" كذا، وكلمة "هذا" من زيادة الناسخ. وهذه أيضًا حال حديثنا هذا، فإنه منكر، ولم يكن في أصل مخلد من كتاب زيد، وإلا لسمعه منه أبو حاتم وأبو زرعة وغيرهما. هذا إن صح أن مخلدًا رواه. ثم هو منفرد به عن حفص.

فأما ما قيل: إن ابن وهب رواه عن حفص فسيأتي بيان حالة، وأحاديث حفص ابن ميسرة المعروفة مجموعة في نسخة معروفة كانت عند جماعة، لم يدرك مسلم منهم إلا سويد بن سعيد، فاحتاج إلى روايته عنه مع ما فيه من الكلام، ولما عوتب في روايته عنه في الصحيح قال: "فمن أين كنت آتي بنسخة حفص بن ميسرة"، ومن الواضح أن هذا الخبر لم يكن فيها وإلا لاشتهر وانتشر، ومع ذلك فحفص فيه كلام، وإنما أخرج له البخاري أحاديث يسيرة ثبت كل منها من طرق غيره، كما ترى ذلك في ترجمته من مقدمة الفتح. ولعل حال مسلم نحو ذلك.

وزيد بن أسلم ربما دلس. وأنس -رضي الله عنه- كان بالبصرة وجمها أصحابه الملازمون له المكثرون عنه، فكيف يفوتهم هذا الخبر ويتفرد به زيد بن أسلم المدني، ثم كيف يفوت أصحاب زيد الملازمين له المكثرين عنه ويتفرد به عنه هذا الصنعاني، وهكذا فيما بعد كما علم مما مر، مع أن هذا الخبر مرغوب فيه كما يعلم من كثرة الروايات الواهية له.

فأما ما قيل إن ابن وهب رواه عن حفص فهذا شيء انفرد به بكر بن سهل الدمياطي، عن عبد الله بن محمد بن رمح، عن ابن وهب.

ابن وهب إمام جليل، له أصحاب كثير، منهم من وصف بأن لديه حديثه كله، وهما ابن أخيه أحمد بن عبد الرحمن وحرملة، ولا ذكر لهذا الخبر عندهما ولا عند أحدهما ولا عند غيرهما من مشاهير أصحاب ابن وهب، ولابن وهب مؤلفات عدة رواها عنه الناس وليس هذا فيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>