للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: كثير من المحتملات لها معنى في هذا المثال وفي غيره، والسياق كثيرا ما يحتمل وجهين أو أكثر، والناظر إذا كان متحريا لا يأمن أن يكون في الوجوه المحتملة ما له معنى يناسب السياق، وإن جهله هو لعدم إحاطته باللغة، ولا سيما إذا كان السياق إنما يقتضي أن تلك الكلمة اسم شجرة أو عَلَم موضع أو عَلَم إنسان، فإن هذا السياق لا يُغني شيئا؛ لكثرة أسماء الشجر والأماكن والناس وكثرة الغريب منها.

قال ابن قتيبة في كتاب "الشعر والشعراء" (ص ٩):

"كل العِلْم محتاجٌ إلى السماع (يعني التلقي من أفواه العلماء الضابطين)، وأحوجه إلى ذلك علم الدين، ثم الشِّعر؛ لما فيه من الأسماء الغريبة واللغات المختلفة والكلام الوحشي، وأسماء الشجر والنبات والمواضع والمياه، فإنك لا تفصل في شعر الهذليين إذا أنت لم تعرفه بين "شَابَه" و"سايَة" وهما موضعان، ولا تثق بمعرفتك في حَزْم نبايع (١)؛ وعروان (٢) الكراث وشسَّيْ عبقر (٣) وأُسْد حَلْيَة وأُسْد تَرْج ودُفاق وتضارع؛ لأنه لا يلحق بالفطنة والذكاء كما يلحق مشتق الغريب ... ".

ثم ذكر أمثلة مما يقع فيه الخطأ في بعض الألفاظ.

وقال عبد الغني بن سعيد المصري في أول كتابه "المؤتلف والمختلف" (ص ٣): "أنبأنا أبو عمران موسى بن عيسى الحنيفي قال: سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن عبد الله النجيرمي يقول: أولى الأشياء بالضبط أسماء الناس؛ لأنه شيء لا يدخله القياس، ولا قبله شيء ولا بعده شيء يدل عليه".


(١) نبايع بضم النون، وضبطه ياقوت وغيرها ووقع في المنقول عنه كأن: تبايع. المعلمي.
(٢) بضم العين وقيل بفتحها. المعلمي.
(٣) قالوا: عبقر بوزن جعفر لكن جاء في الشعر بفتح العين وفتح وضم القاف وتشديد الراء. انظر توجيه ذلك في معجم البلدان. المعلمي.

<<  <  ج: ص:  >  >>