ثم لينبه في الحاشية على الوجهين الأخيرين؛ كأن يقول:"هكذا يقوله البخاري بدليل " ... " ووقع في الأصل "عرابي" وقال فلان " ... " فيذكر ما صححه أهل العلم من أنه "عرابي" بالعين المهملة والراء.
فإذا لم يعرف ما عند المؤلف فالظاهر أنه موافق لما في نفس الأمر، وإذا لم يعرف ما في نفس الأمر فالظاهر أن ما في الأصل القلمي موافق لهما، لكن ليس للمصحح أن يستغني بهذا الظاهر عن البحث والتنقيب، فإن اختلفت الأصول رجح بالكثرة والجودة والقياس، وينبه على الوجه الآخر في الحاشية، مع بيان وجه الترجيح إن لم يكن ظاهرًا.
وقريب من اختلاف الأصول أن تقع الكلمة في أصل الكتاب على وجه وفي كتاب آخر فأكثر على خلافه، لكن الأَوْلى في هذا أن يثبت في متن المطبوع ما في أصل الكتاب، وينبه على ما خالفه في الحاشية، اللهم إلا أن يترجح عنده رجحانا بينا أن ما في الأصل من خطأ النساخ، فحينئذ يثبت في متن المطبوع ما تبين له أنه الصواب، وينبه في الحاشية على ما وقع في الأصل مع بيان وجه ضعفه إن لم يكن ظاهرًا.
وحيث وقع في الأصل على وجه وفي كتاب آخر فأكثر على خلافه وترجح عند المصحح ما في الأصل فإنه يتبع ما في الأصل ولا يلزمه التنبيه على ما في الكتب الأخرى، فينبغي في مثل هذا أن ينبه على ما في الكتب الأخرى مع بيان الدليل على صحة ما في الأصل.
فأما اختلاف الأصول فلا بد من التنبيه عليه على كل حال، اللهم إلا أن يكون منها أصل رديء كثير الأغلاط فيشق التنبيه عليها تفصيلًا، فيكفيه التنبيه الإجمالي في مقدمة الطبع بأن يذكر ذاك الأصل الرديء وكثرة أغلاطه وأنه لم يلتزم التنبيه عليها تفصيلا.