وثالثًا: أنه يكون غالبًا ممن لم يمارس التصحيح، وسيأتي في شرائط المصحح أن الممارسة من أهمها.
ورابعًا: أنه في الغالب لا يكون له معاون مثله أو قريبًا منه في المعرفة، وسيأتي في شرائط المصحح أن اجتماع مصححين ذوي أهلية له أهمية عظيمة.
وخامسًا: أنه يكون في الأكثر غير منتصب لتصحيح الكتب ولا متخذ لذلك حرفة، ولا شك أن المتخذ لذلك حرفة أحرص على الإتقان من غيره.
وسادسًا: الغالب أن ذوي المطابع لا يعطون هذا المصحح الأوسط الأجرة التي ترضيه، بل يساومونه، فيأخذ منهم ما سمحوا به، وبقدر ما نقصوه تضعف همته عن احتمال المشقات في إتقان العمل كما في سائر الصنائع.
النقيصة الثالثة:
أن صاحب المطبعة يكتفي في هذه الطريقة بأن يكل التصحيح المطبعي إلى من ليس عنده أهلية تامة ولا ممارسة كافية؛ لأنه يرى أنه ليس على هؤلاء إلا التصحيح المطبعي، أعني تطبيق المطبوع على النقل الذي صححه المصحح.
ولكن هذا التصحيح معناه المقابلة بأن يمسك شخص النقل المصحح وآخر الأوراق المطبوعة فيقرأ ممسك الأوراق غالبًا، وربما يقع في الأوراق المطبوعة أغلاط تشتبه مع الأصل لفظًا فلا يتنبه لها ممسك الأصل، وربما لا يكون عند هذين من الممارسة للتصحيح ما يحملهما على التثبت والتأني والمقابلة كلمة بكلمة.
وأيضًا فقد يعرض عند الطبع تبدل وتغير مثل: كلمة ابن بين علمين يكون في النقل في السطر الأول فتسقط الألف، ثم تكون في الطبع أول سطر، فيدعها هذان بلا ألف أيضًا مع أن الصواب إثبات الألف حينئذ.