للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الخطيب في ترجمة ابن دوما (١): "كتبنا عنه وكان كثير السماع، إلَّا أنه أفسد أمره بأن ألْحق لنفسه السماع في أشياء لم يكن عليها سماعه. ثم قال: ذكرت للصوري خبرًا من حديث الشافعي حدثنا ابن دوما فقال لي: لما دخلت بغداد رأيت هذا الجزء وفيه سماع ابن دوما الأكبر، وليس فيه سماع أبي علي، ثم سمّع أبو علي فيه لنفسه وألحق اسمه مع اسم أخيه".

قال المعلمي في ترجمته من"التنكيل" رقم (٧٤): "المقال في ابن دوما لا يضر هاهنا؛ فإن الخطيب إنما يروي بذاك السند ما يأخذه من مصنف الأبار، والعمدة في ذلك على أن تكون النسخة موثوقًا بها، كما لو روى أحدنا بسند له من طريق البخاري حديثًا ثابتًا في "صحيحه"، فإنَّه لا يقدح في ذلك أن يكون في السند إلى البخاري مطعون فيه، وقد شرحت هذا في "الطليعة" وغيرها.

والأبار هو الحافظ أحمد بن علي بن مسلم تقدمت ترجمته، والخطيب معروف بشدة التثبت، بل قد يبلغ به الأمر إلى التعنت، فلم يكن ليروى عن مصنف الأبار إلَّا عن نسخة موثوق بها بعد معرفته صحة سماع ابن دوما.

ومع ذلك فالطعن في ابن دوما فيه نظر، فمن الجائز أنَّهم كانوا يحضرونه مع أخيه ولم يكتبوا إسماعه لصغره، فرأى أنه كان مميزًا، وأن له حق الرواية بذلك، فإن كان كتب بخطه العادي أنه سمع فلعله صادق، وإن كان [قلّد] (٢) خط كاتب السماع الأول إيهامًا أنه كتب سماعه في المجلس فهذا تدليس قبيح، قد يكون استجازه بناء على ما يقوله الفقهاء في مسألة الظفر ونحوها بعلة أنه لا يصل إلى حقه إلَّا بذلك.


(١) "تاريخه" (٧/ ٣٠٠).
(٢) من طبعة المعارف بالرياض (١/ ٢٣١)، وفي طبعة دار الكتب السلفية بالقاهرة (١/ ٢٣٩): "قد"، وهو تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>