للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: مخلوق .. قال الأستاذ "يعني الكوثري" (ص ٥٧) "من التأنيب": "كان وراقه كذابًا يُدخل في كتبه ما شاء من الأكاذيب فيرويها هو، فنبهوه على ذلك وأشاروا عليه أن يغير وراقه فلم يفعل، فسقط عن مرتبة الاحتجاج عند النقاد".

أقول: حسّن الترمذيُّ بعض أحاديثه (١)، وذكره ابن حبان في "الثقات" (٢) وقال: "كان شيخًا فاضلًا صدوقًا إلا أنه ابتلي بورّاق سوء .. (٣) وهو من الضرب الذين لأن يخر أحدهم من السماء أحب إليهم من أن يكذبوا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" (٤) وذكر له ابن عدي خمسة أحاديث معروفة إلا أن في أسانيدها خللًا ثم قال: "إنما بلاؤه أنه كان يتلقن، يقال: كان له وراق يلقنه من حديث موقوف فيرفعه، أو مرسل يوصله، أو يبدل رجلًا برجل" (٥).

والحكاية التي ساقها الخطيب ليست من مظنة التلقين، ولا من مظنة الإدخال في الكتب، فإذا صح أن هذا الرجل صدوق في نفسه لم يكن في الطعن فيه بقصة الورّاق


(١) في تقويته بتحسين الترمذي لحديثه نظرٌ، مع ما فيه من الكلام، كما سيأتي.
(٢) ليس في "الثقات"، وإنما هو في "المجروحين" (١/ ٣٥٩).
(٣) بقية كلامه: "كان يُدخل عليه الحديث, وكان يثق به فيجيب فيما يقرأ عليه, وقيل له بعد ذلك في أشياء منها فلم يرجع، فمن أجل إصراره على ما قيل له استحق الترك، وكان ابن خزيمة يروي عنه، وسمعته يقول: ثنا بعض مَنْ أمسكنا عن ذكره".
وقد اختصر الحافظ ابن حجر هذا في "تهذيبه" فلم يذكره, وقد قال: قال ابن حبان. فظنه المعلمي في "الثقات" وليس كذلك، كما مضى التنبيه عليه.
(٤) بقيته: ولكنهم أفسدوه, وما كان ابن خزيمة يحدث عنه إلا بالحرف بعد الحرف.
(٥) ليس هذا فحسب, بل قال البرذعي (ص ٤٠٤) "سؤالته": "قلت لأبي زرعة: سفيان بن وكيع كان يتهم بالكذب؟ قال: الكذب بس! ثم قال لي أبو زرعة: كتبتَ عنه شيئًا؟ قلت: لا. قال: استرحتَ.
قال أبو زرعة: كان وراقه نقمة، كان يعمد إلى أحاديث من أحاديث الواقدي فيجيء بها إليه فيقول: قد أصبت أحاديث عن أسامة بن زيد وفلان وفلان, فاكتبها بخطك حتى تدخلها في الفوائد، فتحملها على الشيوخ الثقات، حتى قال يومًا: قد بلغت الفوائد ألفي حديث. قلت: حديث أسامة بن زيد في "الهريسة" من ذاك؟ قال: نعم. اهـ.
وقد قال ابن أبي حاتم: كتب عنه أبي وأبو زرعة، وتركا الرواية عنه. "الجرح" (٤/ ٢٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>