للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقول: أما عبارة البخاري ففي "فتح المغيث" (ص ١٦٢):

قال ابن دقيق العيد في شرح "الإلمام": "قولهم: روى مناكير، لا يقتضي بمجرده ترك روايته، حتى تكثر المناكير في روايته، وينتهي إلى أن يقال فيه: منكر الحديث؛ لأن منكر الحديث وصفٌ في الرجل يستحق به الترك لحديثه، والعبارة الأخرى لا تقتضي الديمومة، كيف! وقد قال أحمد بن حنبل في محمد ابن إبراهيم التيمي: "يروي أحاديث منكرة" وهو ممن اتفق عليه الشيخان، وإليه المرجع في حديث الأعمال بالنيات".

[أقول: وقولهم: "عنده مناكير" ليس نصًّا في أن النكارة منه؛ فقد تكون من بعض الرواة عنه، أو بعض مشايخه.

قال في "فتح المغيث" (ص ١٦٢):

"قلت: وقد يطلق ذلك على الثقة إذا روى المناكير عن الضعفاء، قال الحاكم: قلت للدارقطني: فسليمان بن بنت شرحبيل؟ قال: ثقة. قلت: أليس عنده مناكير؟ قال: يحدث بها عن قوم ضعفاء، أما هو فثقة".

وقد علمت الفرق بين قول البخاري: "عنده مناكير"، وقوله: "منكر الحديث"، مع قوله: "كل من قلت فيه: منكر الحديث، لا يحتج به". وفي لفظ: "لا تحل الرواية عنه"] (١).

وقد سرد في "الميزان" ما له من الغرائب، وهي يسيرف وبيّن أنه توبع في بعضها، ثم قال: "كان سليمان فقيه الشام في وقته قبل الأوزاعي، وهذه الغرائب التي تستنكر له يجوز أن يكون حفظها".


(١) جاء في النسخة المطبوعة باسم: "البناء على القبور" (ص ٨٧ - ٨٨) بدل ما بين الحاجزين ما نصُّه: "وإنما يجرح بالمناكير إذا كان الرواة عن الرجل ثقات أثباتًا، يبعد نسبة الغلط إليهم، وكذا مشايخه، ومن قبلهم، ثم أكثر ذلك في روايته ولم يكن له من الجلالة والإمامة ما يقوي تفرده.
وهم قد يطلقون هذه الكلمة إذا كانت تلك الأفراد مما رويت عنه وإن لم يتحقق أن النكارة من قِبَلهِ، ويطلقونها إذا كان عنده ثلاثة أحاديث فأكثر، انظر كتب المصطلح".

<<  <  ج: ص:  >  >>