وأما ابن وهب، ففي تاريخ أبي زرعة الدمشقي (ص ٣٧٩): حدثني أحمد بن صالح قال: قلت لابن وهب: ما كان مالك يقول في ابن سمعان؟ قال: لا يقبل فول بعضهم في بعض. اهـ. ورواه -بهذا اللفظ- ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (١٠ / ق ٤٦ - الظاهرية) ورواية التاريخ من طريق أبي محمد بن أبي نصر، واسمه: عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم التميمي - وهو ثقة عدل عفيف كانت عنده أصول حسنة بخطوط الوراقين المعروفين، ترجمته في "تاريخ دمشق" (١٠ / ق ٤٦ - الظاهرية) -عن أبي الميمون البجلي الدمشقي واسمه: عبد الرحمن بن عبد الله بن راشد، صاحب أيى زرعة وراوي كتاب التاريخ عنه- عن أبي زرعة. وروى ابن عدي هذه الحكاية في ترجمة ابن سمعان من "الكامل" عن شيخه يوسف بن الحجاج -وهو يوسف بن أحمد بن عبد الرحيم بن الحجاج أبو يعقوب الإستراباذي، له ترجمة في "تاريخ جرجان" رقم (٩٩٩) ولم يذكر حمزة السهمي فيه جرحًا ولا تعديلًا- قال: ثنا أبو زرعة الدمشقي، بمثل رواية أبي الميمون البجلي عن أبى زرعة. وأورد الحكاية بمثل هذا اللفظ كُلٌّ من: المزي والذهبي وابن حجر، ولم يذكروا توثيق ابن وهب لابن سمعان صراحةً. لكن قال ابن عبد البر في كتاب "جامع بيان العلم وفضله" في باب: حكم قول العلماء بعضهم في بعض (ص ٥١٠): أخبرنا خلف بن القاسم، قال: حدثنا أبو الميمون البجلي، قال: حدثنا أبو زرعة الدمشقي، قال: حدثنا أحمد بن صالح قال: سألت عبد الله بن وهب، عن عبد الله بن يزيد [كذا والصواب: زياد] ابن سمعان فقال: ثقة فقلت: إن مالكًا يقول فيه: كذاب، فقال: لا يقبل قول بعضهم في بعض. اهـ. ونقل مغلطاي في إكماله (٤ / ق ٢٧٠ ب) هذا التوثيق عن هذا الموضع، فالظاهر أنه لم يرد مصرحًا به إلا فيه وهو محلُّ نظر، فأبو محمد بن أبي نصر بلدي أبي الميمون البجلي، وراوي كتاب التاريخ عنه والذي اعتمده المصنفون في رواية التاريخ - لم يذكر هذا التوثيق، وكذا لم يذكره شيخ ابن عدي عن أيى زرعة. وخلف بن القاسم -شيخ ابن عبد البر- ثقة مكثر، وهو قرطبي سمع بدمشق من أبي الميمون، إلا أن بلديَّ الرجل أعرف به وأمكن في الرواية عنه في الغالب -كما هو معلوم، ودخول الخلل في رواية خَلَف بن القاسم- كالرواية بالمعنى أو الوهم وغيى ذلك ممكن هناة لأنه قد يُفهم من رَدِّ ابن وهب تكذيب مالك لابن سمعان ما يقتضى توثيق ابن وهب له، وليس بلازمٍ، فقد يَرُدُّ التكذيب، ويُثبت ما دونه. وعلى كل حال، لو فرضنا ثبوت هذا التوثيق عن ابن وهب، فابن وهب كان من المكثرين، ولم يُعرف عنه التوقي في انتقاء مشايخه وكان حسن الظن بابن سمعان، وكان يجالسه ويأخذ عنه كما =