وقال ابن المديني: كان عند أصحابنا ضعيفًا. وهو المفرق بين روايته بالمدينة وبغداد. وقال الفلاس: كان يحيى -القطان- وعبد الرحمن -ابن مهدي- لا يحدثان عنه. وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم: سألت أبا زرعة عن عبد الرحمن بن بن أبي الزناد، وورقاء، والمغيرة بن عبد الرحمن، وشعيب بن أبي حمزة: من أحب إليك فيمن يروي عن أبي الزناد؟ قال: كلهم أحبُّ إليَّ من عبد الرحمن بن أبي الزناد "الجرح والتعديل" (٥ / ت ١٢٠٢). وقال البرذعي عن أبي زرعة: الدراوردي وابن أبي حازم أحب إليّ من فليح بن سليمان وعبد الرحمن ابن أبي الزناد وأبي أويس. "أبو زرعة الرازي" (٤٢٤ - ٤٢٥). وقال أبو حاتم: يكتب حديثه، ولا يحتج به، وهو أحب إلي من عبد الرحمن بن أبي الرجال، ومن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم "الجرح". ووصفه ابن حبان بسوء الحفظ وكثرة الخطأ وقال: فلا يجوز الاحتجاج بخبره إذا انفرد. "المجروحين" (٢/ ٥٦). ولم يخرج له صاحبا الصحيح، إنما استشهد به البخاري، وروى له مسلم في مقدمة صحيحه. واعلم أن جمهور الأئمة على ضعف عبد الرحمن بن أبي الزناد: أحمد، وابن معين، ويحيى القطان، وابن مهدي. وقدم أبو زرعة عليه: الدراوردي، وقد قال هو في الدراوردي: سيء الحفظ، فربما حدَّث من حفظه الشىء فيخطىء. "الجرح" (٥ / ت ١٨٣٣). ولخص أبو حاتم حاله فقال: "يكتب حديثه ولا يحتج جمه فهو صالح للاعتبار والاستشهاد، هذا فيما ثبت أنه من حديثه، أما ما لُقِّنَهُ فلا عبرة به، وهذا مراد من فصَّل بين حال تحديثه في المدينة، وحاله في بغداد. واعلم أن قبول ابن أبي الزناد لتلقي البغداديين، ليس عن اختلاطٍ طرأ عليه، وإنما عن ضعفٍ في نفسه من سوء حفظ وغفلة. وأما توثيق الترمذي لابن أبي الزناد -فهو مع تساهله في التوثيق والتصحيح- مخالف لاتفاق الكلمة على ضعفه وقد بناه على ما يأتي. وأما دلالة مالك على السماع من ابن أبي الزناد، فقد تكلم فيه مالك أيضا، وأنكر عليه ما رواه عن أبيه وقال: أين كنا عن هذا؟ والظاهر أنه دل عليه قبل أن ينكر عليه ذلك، أو لا تدل دلالته تلك على التوثيق المصطلح عليه، فابن أبي الزناد على ضعفه لم يتركه سوى ابن مهدي، وقال أحمد: يحتمل أن يروى عنه فدلالة مالك على مجرد السماع منه لا تنهض في مدافعة تضعيف الأئمة له، والله تعالى أعلم.