للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تناول الشيخ المعلمي ما في هذه الحكاية مما يُستنكر؛ من بيان وقت موت عمر على التحديد، فقد كان عمر في شهر ذي الحجة سنة (٢٣) حاجًا. . إلى آخر ما قال رحمه الله، ثم قال:

"وبعْدُ فسند الحكاية غير صحيح، تفرد بها عن مالك رجل يقال له "عبد الوهاب ابن موسى" لا يكاد يعرف، وليس من رجال شيء من كتب الحديث المشهورة، ولا ذكر في تاريخ البخاري ولا كتاب ابن أبي حاتم، بل قال الذهبي في "الميزان": "لا يُدرى من ذا الحيوان الكذاب" (١).

وفي مقدمة "صحيح مسلم": "الذي نعرف من مذهبهم في قبول ما يتفرد به المحدث من الحديث أن يكون قد شارك الثقات من أهل العلم والحفظ في بعض ما رووا، وأمعن في ذلك على الموافقة لهم، فإذا وجد كذلك ثم زاد بعد ذلك شيئًا ليس عند أصحابه قُبل منه .. " (٢).

وهذا الرجل لم يمعن في المشاركة فضلًا عن أن يكون ذلك على الموافقة.

لكن هذا الشرط لا يتقيّد به بعض المتأخرين كابن حبان والدارقطني (٣). ومن ثمّ -والله أعلم- وثّق الدارقطني عبد الوهاب هذا وزعم أن الخبر صحيح عن مالك.


= وأورده الدارقطني في "الغرائب" من هذا الوجه، وقال: هذا صحيح عن مالك، وعبد الوهاب ابن موسى ثقة، ومن دونه كذلك" اهـ. كلام الحافظ.
(١) قال الذهبي في "الميزان" (٢/ ٦٨٤): عبد الوهاب بن موسى. عن عبد الرحمن بن أبي الزناد بحديث: إن الله أحيا لي أمي فآمنت بي" الحديث. لا يُدرى مَنْ ذا الحيوان الكذاب؛ فإن هذا الحديث كذب مخالف لما صَحَّ أنه -صلى الله عليه وسلم- استأذن ربه في الاستغفار لها فلم يؤذن له. اهـ.
(٢) (ص ٧) من "مقدمة مسلم"، وبقيته، فأما من تراه -يعني من الرواة- يَعْمد لمثل الزهري -أو مالك كما في مثالنا- في جلالته وكثرة أصحابه الحفاظ المتقنين لحديثه وحديث غيره، وحديثه عند أهل العلم مبسوط مشترك، قد نقل أصحابه عنه حديثه على الاتفاق منهم في أكثره، فيروي عنه -يعني ذاك الراوي- العددَ من الحديث، مما لا يعرفه أحد من أصحابه، وليس ممن قد شاركهم في الصحيح مما عندهم، فغير جائز قبولُ حديث هذا الضرب من الناس، والله أعلم. اهـ. بتصرف.
(٣) انظر مزيدًا من البيان: القسم الخاص بمناهج أئمة النقد والمصنِّفين، من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>