للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهب الله إلا الآن منكم".

فقد روى عن عنبسة: أحمد بن صالح علي إتقانه، وعبد الله بن وهب على جلالته وتقدمه، وكل منهما أعقل وأفضل من مائة مثل يحيى بن بكير. وروى عنه أيضًا محمد بن مهدي الإخميمي وغيرهم كما في "التهذيب".

فأما الإمام أحمد فكأنه سمع بأن عنبسة كان يجبي الخراج فكرهه لذلك، وليس في ذلك ما يثبت به الجرح، وقد ذكره ابن حبان في "الثقات" وأخرج له البخاري في "الصحيح" مقرونًا بغيره (١)، وأخرج له أبو داود في "السنن".

وقال الآجري عن أبي داود: "عنبسة أحب إلينا من الليث بن سعد سمعت أحمد ابن صالح يقول: عنبسة صدوق".

كنت استعظمت هذه الكلمة للاتفاق على جلالة الليث وإمامته، ثم تبين لي كما يرشد إليه السياق أن مراده تفضيل عنبسة على الليث في أمر خاص؛ وهو روايتهما عن يونس بن يزيد الأيلي (٢)، فإن أصول يونس كانت صحيحة كما قاله ابن المبارك وغيره، وكان إذا حدث من غيرها ربما يخطىء، وكان الليث سمع من يونس من غير أصوله، وعنبسة سمع من عمه يونس من أصوله، وكانت أصوله عند عنبسة.

ويدل على هذا أن أبا داود قال عقب كلمته تلك: "سألت أحمد بن صالح قلت: كانت أصول يونس عنده أو نسخة؟ قال: بعضها أصول وبعضها نسخة".

فعنبسة يروي عنه ابن وهب، ويصدقه أحمد بن صالح، ويثني عليه ابن وارة ويثبته أبو داود، ويستشهد به البخاري، ويوثقه ابن حبان. اهـ.


(١) قال الحافظ ابن حجر في "مقدمة فتح الباري" (ص ٤٣٣): "له عند البخاري أربعة أحاديث قرنه فيها بعبد الله بن وهب عن يونس". اهـ.
(٢) بمثل هذا قال الذهبي في "تاريخ الإسلام"، انظر الطبقة العشرين منه. وبهذا يزول استشكال محقق كتاب "سؤالات الآجري لأبي داود" راجع النصّ رقم (١٥٠٠) هناك.

<<  <  ج: ص:  >  >>