للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمد بن كثير أن ذلك يقوم مقام السماع من معمر، وليس هذا بالبين؛ إذ قد يكون مراده: "سمعت منه باليمن وتركت أصلي باليمن، ثم بعث به إليّ". اهـ.

وقال أبو حاتم: "كان رجلًا صالحًا سكن المصيصة، وأصله من صنعاء اليمن، كان في حديثه بعض الإنكار". وقال أيضًا: "سمعت الحسن بن الربيع يقول: محمد ابن كثير اليوم أوثق الناس، وينبغي لمن يطلب الحديث لله تعالى أن يخرج إليه، كان يُكْتبُ عنه وأبو إسحاق الفزاري حي، وكان يُعرف بالخير مذ كان".

وقال ابن الجنيد عن ابن معين: "كان صدوقًا" وقال عبيد بن محمد الكشوري عن ابن معين: "ثقة".

وقال ابن سعد: "كان ثقة ويذكرون أنه اختلط في أواخر عمره".

وقال ابن حبان في "الثقات": "يخطىء ويغرب" وقال أبو داود: "لم يكن يفهم الحديث".

وقال أبو حاتم: "ودُفع إلى محمد بن كثير كتاب من حديثه عن الأوزاعي، فكان يقول في كل حديث منها: ثنا محمد بن كثير عن الأوزاعي"! وقال الذهبي: "هذا تغفيل يسقط به الراوي" (١).


= الثاني: قول محمد بن كثير فيما بلغ أحمد: بعث بها إليَّ إنسان من اليمن، فَمَنْ هذا الإنسان؟ وما علاقته بذاك الكتاب؟
فمحمد بن كثير على فرض أنه قد سمع من معمر، إلا أنه ليس ثمة دليل على أنه قد كتب عنه، وليس هو ممن وُصف بالحفظ حتى يُعتمد على حفظ ما قد سمع، وروايته عن معمر من كتاب أُرسل إليه لا يُدرى مَنْ مُرْسله، ولا يُدرى سماع مَنْ هو، يُسْقِطُ الثقة به جملةً؛ يؤيد ذلك وقوع المناكير في رواية محمد بن كثير عن معمر، مما يدل على وهن هذا الكتاب، ومما يدل على سقوط الاحتجاج بمحمد في هذا وفي غيره -فإن له مناكير عن غير معمر كالأوزاعي- وصنيعه هذا يُسْفر عن تساهل قادح في روايته وتثبته, والأئمة يغمزون الرواة بأقل من هذا.
إلا أن وصفهم له بالصدق والصلاح يدل على أنه كان لا يتعمد، بل الظاهر أنه كان مغفلا، لا يفهم الحديث -كما قال أبو داود-، وكما تدل عليه الحكاية الآتية عن أبي حاتم، والله تعالى أعلم.
(١) "الميزان" (٤ / ت ٨١٠٠)، وقال في "السير" (١٠/ ٣٨٣): "هذا هو التدميغ، وبكل حال، فيُكتب حديثه، أما الحجة به فلا تنهض". اهـ.
وقال في وفيات سنة (٢١٦) من "تاريخ الإسلام": "كان مغفلًا" ثم ساق هذه الحكاية.

<<  <  ج: ص:  >  >>