فمحمد بن كثير على فرض أنه قد سمع من معمر، إلا أنه ليس ثمة دليل على أنه قد كتب عنه، وليس هو ممن وُصف بالحفظ حتى يُعتمد على حفظ ما قد سمع، وروايته عن معمر من كتاب أُرسل إليه لا يُدرى مَنْ مُرْسله، ولا يُدرى سماع مَنْ هو، يُسْقِطُ الثقة به جملةً؛ يؤيد ذلك وقوع المناكير في رواية محمد بن كثير عن معمر، مما يدل على وهن هذا الكتاب، ومما يدل على سقوط الاحتجاج بمحمد في هذا وفي غيره -فإن له مناكير عن غير معمر كالأوزاعي- وصنيعه هذا يُسْفر عن تساهل قادح في روايته وتثبته, والأئمة يغمزون الرواة بأقل من هذا. إلا أن وصفهم له بالصدق والصلاح يدل على أنه كان لا يتعمد، بل الظاهر أنه كان مغفلا، لا يفهم الحديث -كما قال أبو داود-، وكما تدل عليه الحكاية الآتية عن أبي حاتم، والله تعالى أعلم. (١) "الميزان" (٤ / ت ٨١٠٠)، وقال في "السير" (١٠/ ٣٨٣): "هذا هو التدميغ، وبكل حال، فيُكتب حديثه، أما الحجة به فلا تنهض". اهـ. وقال في وفيات سنة (٢١٦) من "تاريخ الإسلام": "كان مغفلًا" ثم ساق هذه الحكاية.