وأما ابن عدي فكلامه محمول على نحو كلام ابن حبان، وهو أنه صدوق في الأصل، وأن ما في رواياته من الضعف فمما يحتمل، فلا يسقط أو يترك لأجله، وإن كان هو في نفسه ضعيف لا يحتج به، لا سيما وفي أسانيد بعض ما استُنكر عليه ضعفاءُ غيره، فرأى ابن عدي أنه بريء من ذلك، وأن البلاء فيه من غيره.
لكن إذا كان هذا هو اجتهاد ابن عدي ونحوه ابن حبان في حال خالد بن يزيد، فإن الأئمة المتقدمين هم أعلم وأمكن وأقرب إلى خالد وأدرى بحقيقة حاله (ص ٣٠٤).
١٨ - لم يخرج لخليفة بن خياط أحدٌ من أصحاب الكتب الستة سوى البخاري، فإنه أخرج له مواضع قليلة، مقرونًا أو تعليقًا أو بلفظ:"قال لي خليفة". ونقل الترمذي عنه قوله:"مقارب الحديث" وهذا وذاك إنما يدل أنه عنده صدوق في الأصل، إلا أنه لم يحتج به في شيء من الصحيح.
وخليفة إنما مَشَّاهُ ابن عدي وابن حبان، وحملوا أحاديثه على الاستقامة.
والصواب في شأنه ما قاله أئمة النقد من المتقدمين، فقد رأوه وخبروا أمره, ووَهنوه في الحديث, مع الاعتراف له بعلم التاريخ وطبقات الناس وأنسابهم، وقد جعل الله لكل شيء قدرًا. تراجع الحاشية هناك ففيها بيان هذا الصواب (ص ٣٠٧ - ٣٠٨).
١٩ - الذي يتحصل من مجموع كلام الأئمة وصنيعهم، أن داود بن الحصين كان في نفسه لا بأس به، روى مالك عنه عن غير عكرمة أحاديث مستقيمة، استشهد ببعضها صاحبا الصحيح، وهذا مما يدل على أنه كان صدوقًا، لكن كلام أبي زرعة وأبي حاتم وغيرهما يدل على أن في حفظه لينًا، فتجتنب انفراداته، وما رواه عن عكرمة، وما رواه عنه الضعفاء (ص ٣١٢).