٤٢ - قد ذكر ابنُ عدي لمحمد بن يونس الجمال حديثين سوى هذا، رواهما الجمَّال بإسنادين وصفهما ابن عدي بأنهما غير محفوظن، أوَّلهُما الذي رواه عنه محمد ابن الجهم السمري، وقال عقبه: ممن يسرق حديث الناس ...
ثم قال ابن عدي: ولمحمد بن يونس أحاديث أخر من طراز ما ذكرت، وهو ممن يسرق حديث الناس.
وابن عديّ من نقاد هذا الفن، وعبارته:"له أحاديث أخر من طراز ما ذكرت" تعني أن الجمال يروي أحاديث سوى ما ذَكر ابن عدي بأسانيد غير محفوظة، فمن أين له بها؟ إما أنه يسرقها ويفتعلها، وإما أنها تُدخل عليه، أو غير ذلك.
فلما روى عن ابن عيينة ما علم ابن عدي أنه إنما ينفرد به حسين الجعفي، انقدح في ذهن ابن عدي -مع اتهام السمري له وهو من الآخذين عنه- أنه قد سرق هذا الحديث وغيره من الأحاديث التي يروجها بأسانيد غير محفوظة.
ولا يُعرف مخالفٌ لابن عدي فيما رمي به الجمَّال، فمع نَصْبِ ابن عديّ الشواهد على ما قال، فلا محيصَ من إعمال قوله، وعدم الاعتبار بما رواه الجمَّال رأسًا، والله تعالى أعلم (ص ٥٧٨).
٤٣ - قد أطلق غير واحد من الأئمة عدم سماع مخرمة بن بكير من أبيه، وأنه إنما يروي من كتاب أبيه، منهم: أحمد، وابن معين، وابن المديني، وابن حبان.
وهو ظاهر صنيع البخاري؛ فقد ذكر في ترجمته من "التاريخ الكبير"(٨/ ١٦) قولَ أحمد: "سمعت حماد بن خالد الخياط قال: أخرج مخرمةُ بن بكير كتبًا، فقال: هذه كتب أبي لم أسمع منها شيئًا"