للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الاختلاف مما يُضْعف الاعتماد على مثل هذه الحكاية؛ لأن لظهر الكتاب شأنًا سوى الكتاب نفسه وهل السؤال عن سماع حديث واحد، أم عن سماع مخرمة من أبيه جملة؟ فالفرق كبير.

وقد ساق أبو حاتم تلك الحكاية، ثم قال: إن كان سمعها من أبيه .. " فلم يرها حجة في إثبات السماع، والله تعالى أعلم.

وقد علَّق الشيخ المعلمي على هذه الحكاية في "حاشية الجرح" (٨/ ٣٦٤) بقوله: "وِجَادَة، فإذا احتيج إليها لم تُغْنِ، وإن أغنت لم يُحْتَجْ إليها".

وأما الأمر الثالث فهو يدل على سماع حديث واحد، والثابت عن مخرمة أنه أدرك أباه وهو غلام، لم يسمع منه شيئًا، وعلى ذلك جمهور النقاد من المحدثين، فاستثناء شيء من هذا الإطلاق يحتاج إلى برهان وحجة، فربما كان مستند أبي داود مجيء هذا الحديث الواحد مصرحًا فيه بسماع مخرمة من أبيه، فيُنظر: هل هذا التصريح بالسماع محفوظًا أم لا؟ فكبم من صيغٍ للاتصال في الأسانيد لم يَعْبَأ بها النقاد؛ لاستقرار العلم بالانقطاع، وقد اعتنى ابن المديني بهذا الأمر، فلم يجد أحدًا ينقل سماع مخرمة من أبيه - كما مَرَّ نقلُه.

أما الإمام مسلم فقد احتج به في موضعين، واستشهد به في عدة مواضع.

أما الاحتجاج: ففي كتاب "الحج" (ص ٨٥٦، ٩٨٢).

وأما الشواهد: ففي "الطهارة" (ص ٢٤٧)، وفي "الصلاة" (ص ٣٢٨، ٣٨٦، ٥٨٤)، وفي "الحج" (ص ٩٦٩)، وفي "الحدود" (ص ١٣١٢).

وقد قال ابن القيسراني في "الجمع بين رجال الصحيحين" (٢/ ٥١٠): "وأُنكر على مسلم إخراجه هذه الترجمة" اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>