وقد اتفق -فيما ذكره البخاري- شيبان، وحرب بن شداد، وأبان بن يزيد العطار على رواية هذا الحديث عن يحيى بن أبي كثير بلفظ المسح على الخفين فقط.
ورواه الأوزاعي عن يحيى، فزاد فيه المسح على العمامة.
ورواه معمر عن يحيى فأسقط من الإسناد جعفرا، كما ساقه البخاري، ولكنه عبر عن رواية معمر بالمتابعة, ومع ذلك فقد بين أنه خالفه في الإسناد، فهل يعني بالمتابعة: موافقته في المتن؟ هذا هو الظاهر، وإلا فيكون المقصود: متابعته في أصل الحديث، مع مخالفته في اللفظ والإسناد، وهو بعيد.
قال ابن حجر: ذكر أبو ذر في روايته لفظ المتن، وهو قوله:"يمسح على عمامته" زاد الكشميهني: "وخفيه" وسقط ذكر المتن من سائر الروايات في "الصحيح".
ورواية معمر قد أخرجها عبد الرزاق في "مصنفه" عن معمر بدون ذكر العمامة، ولكن أخرجها ابن منده في كتاب الطهارة له من طريق معمر بإثباتها. اهـ.
أقول:
ظاهر صنيع البخاري أنه عني أن معمرا تابع الأوزاعي في ذكر العمامة، وإلا لم يكن لمتابعته أي معنى، ولا يكون لإرداف رواية الأوزاعي برواية معمر أي مزية, وإلا فيكون معمر حينئذ قد وافق الثلاثة الأول: شيبان، وحرب، وأبان، في لفظه، وخالف الجميع -ومعهم الأوزاعي- في إسناده بإسقاط جعفر.
فدل هذا السياق أن البخاري قصد متابعة معمر للأوزاعي على ذكر العمامة.
يؤيد ذلك رواية أبي ذر والكشميهني وفيها ذكر العمامة من رواية معمر، وكذلك رواية ابن منده، وإن لم يذكر الحافظ راويها عن معمر؛ ليقارن بعبد الرزاق في روايته عنه.
ومع رجحان إرادة البخاري متابعة معمر للأوزاعي في ذكر المسح على العمامة، فهل ذلك كافٍ في كونها محفوظة عنده؟