عليه كالمحافظة على الصلوات في جماعة ونحو ذلك لم يمتنع من روايته، فهذا هو المراد بالتساهل في عباراتهم، غير أن بعض من جاء بعدهم فهم منها التساهل فيما يرِدُ في فضيلةٍ لأمر خاص قد ثبت شرعه في الجملة؛ كقيام ليلة معينة فإنها داخلة في جملة ما ثبت من شرع قيام الليل. فبنى على هذا جواز أو استحباب العمل بالحديث الضعيف، وقد بين الشاطبي في "الاعتصام" خطأ هذا الفهم، ولي في ذلك رسالة لا تزال مسودة" (١).
ونقل السماري عن كتاب "العبادة" للمعلمي (ص ٤٠٨) جوابًا على سؤال أحدهم عن وضع أظفار الإبهامين على الشفتين والعينن عندما يقول المؤذن: أشهد أن محمدًا رسول الله، فقال الشيخ رحمه الله:
"بدعة، وقد علمنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما نقول عند سماع الأذان وبعده .. فقال السائل: فهل ورد حديث في هذا الفعل. قلت: قد روي في ذلك حديث نص الأئمة على أنه كذب موضوع ليس من قول النبي -صلى الله عليه وسلم-. على أنه لو لم يكن موضوعًا وكان ضعيفًا لما جاز العمل به إجماعًا، أما على القول بأن العمل بالضعيف لا يجوز مطلقًا فواضح، -وهذا هو الحق كما حققناه في موضع آخر- ونقْلُ الإجماع على خلافه سهو، وأما على قول من زعم أن الضعيف يعمل به في فضائل الأعمال فلجواز العمل عندهم شرائط، منها اندراج ذلك الفعل تحت عموم ثابت، وهذا الفعل ليس كذلك". اهـ
(١) وقد استفدت من هذا النقل في رسالتي: "حكم العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال" (ص ٤٩)، وقد طبعت الرسالة قديمًا عام ١٩٩٢ م، نشر مكتبة السنة بالقاهرة، ثم مكتبة الجيل بلبنان، وكتب عليها: تأليف أشرف بن سعيد، وهو ما اشتهرتُ به حينيذ، وأنوي إعادة إعداد هذه الرسالة للطبع في صورة جديدة إن شاء الله تعالى.