نظرت هنا إجمالا في وصف أبي حاتم بالتشدد في باب الجرح:
فأقول:
"قسَّم الذهبيُّ المتكلمين في الجرح والتعديل إلى ثلاثة أقسام:
قِسْمٍ منهم: متعنت في الجرح متثبت في التعديل، يغمز الراوي بالغلطتين والثلاث، قال: فهذا إذا وَثَّقَ شخصًا، فَعَضَّ قوله بنواجذك، وتَمَسَّكْ بتوثيقه، وإذا ضَعَّفَ رجلا، فانظر: هل وافقه غيرُه على تضعيفه، فإن وافقه، ولم يوثِّقْ ذاك الرجل أحدٌ من الحُذَّاقِ، فهو ضعيف، وإن وَثَّقَهُ آخر، فهذا هو الذي قالوا: لا يُقبل فيه الجرحُ إلا مفسَّرا؛ يعني لا يكفي فيه قولُ ابنِ معين مثلا: هو ضعيف -ولم يوضح سببَ ضعفه- ثم يجيءُ البخاري وغيره يوثقه، ومثل هذا يُختلفُ في تصحيح حديثه وتضعيفه.
وقسمٍ منهم يتسمَّح، كالترمذي والحاكم.
وقسمٍ معتدل، كأحمد بن حنبل والدارقطني وابن عدي". اهـ.
ولم يُسَمِّ الذهبيُّ من القسم الأول أحدًا هنا، لكنه ذكر بعد ذلك طبقات من تكلموا في الجرح والتعديل، فبلغ: عبد الرحمن بن يوسف بن خراش البغدادي فقال: "له مصنَّف في الجرح والتعديل، قويُّ النَّفَس كأبي حاتم".
وقد نعت الذهبي جماعةً بذلك في كتابه "الميزان".
فمن هؤلاء:
١ - يحيى بن سعيد القطان:
وصفه الذهبي بـ "متعنت جدًّا في الرجال" في ترجمة: سفيان بن عيينة رقم (٣٣٢٧)، وقال في ترجمة: سيف بن سليمان المكي رقم (٣٦٣٦): "حدث يحيى القطان مع تعنته عن سيف".