الأول: في ترجمة عاصم بن علي الواسطي شيخ البخاري من "الميزان"(٤٠٥٨) قال الذهبي: "هو كما قال فيه المتعنت أبو حاتم: صدوق" اهـ. يقوي بذلك تعديلَه على مَنْ ليَّنَهُ.
الثاني: في ترجمة طالوت بن عباد من "السير"(١١/ ٢٦) قال: "حَسْبُكَ بقول المتعنّت في النقد أبي حاتم فيه اهـ. يعني قوله: صدوق. يردُّ بذلك على ابن الجوزي في قوله: "ضعَّفه علماء النقل".
ويلاحظ في هذين المثالين أن وصف الذهبي لأبي حاتم بالمتعنت، ليس ردًّا لقوله بسبب العنت، وإنما هو من باب: إذا وَثَّقَ المتعنِّتُ أحدًا فعض عليه بالنواجذ، وهو يوافق كلمة الشيخ المعلمي التي نقلناها آنفا أن كلمة "صدوق" من أبي حاتم قد لا تقل عن كلمة "ثقة" من غيره.
ولم أر الذهبي ردّ قولا لأبي حاتم من أجل تعنته.
بل إن الذهبي اعتمد على أبي حاتم في ذكر المجاهيل من الرواة بقوله فيهم: "مجهول"، حتى إنه يقول هذا في تراجم "الميزان"، ولا يذكر قائله، وهو قول أبي حاتم في "الجرح"، كما صرح بذلك الذهبي في ترجمة: أبان بن حاتم الأملوكي من "الميزان" رقم (٤) فقال:
"اعلم أن كل من أقول فيه "مجهول" ولا أسنده إلى قائلٍ، فإن ذلك هو قول أبي حاتم فيه، وسيأتي من ذلك شيء كثير جدًّا، فاعلمه، فإن عزوته إلى قائله، كابن المديني وابن معين، فذلك بَيِّنٌ ظاهرٌ، وإن قلت:"فيه جهالة" أو: "نكرة" أو: "يجهل" أو: "لا يعرف"، وأمثال ذلك، ولم أعزه إلى قائلٍ فهو مِنْ قِبَلي". اهـ.
لكن قال الذهبي في ترجمة أبي زرعة من "السير" (١٣/ ٨١):