"نا أحمد بن سليمان الرهاوي -فيما كتب إلي- قال: سمعت زيد بن حباب يقول: سمعت سفيان الثوري يقول: عجبا لمن يروي عن الكلبي.
نا عبد الرحمن قال: فذكرته لأبي وقلت له: إن الثوري يروي عن الكلبي؟ قال: كان لا يقصد الرواية عنه، ويحكي حكايةً تعجبا، فيعلقه من حضره، ويجعلونه روايةً عنه.
... وكيع، قال: كان سفيان لا يعجبه هؤلاء الذين يفسرون السورة التي من أولها إلى آخرها، مثل الكلبي". اهـ.
وفي "الكامل": " ... إبراهيم بن عبد الله بن المنذر، ثنا يعلى بن عبيد، قال: قال الثوري: اتقوا الكلبي، فقيل: فإنك تروي عنه؟ قال: أنا أعرف صدقه من كذبه". اهـ.
فالظاهر أن هذا هو حالُ سائرِ مَنْ ذكروا روايتَه عنه من الكبار، فقد سمعوا منه أشياء لم يتحققوا كذبه فيها، فذكروها على وجه سوى أوجه الرواية المعروفة.
يدل على ذلك دلالةً بينةً خلوُّ الكتب الأصول، كالسنن والمسانيد والتفسير من رواية هؤلاء عنه، فهذا قاطع في أن الكلبي لم يَرو -أو لم يَسمع هؤلاء منه- ما يُحتاج إليه. والله تعالى أعلم.
والمقصود هنا أن مجرد ذكر الكلبي فيمن روى عنهم ابن المبارك، مع ما سبق من تثبت ابن المبارك واحتياطه وتصونه في هذا الباب، لا يكفي في دعوى أنه لم يكن يشدد. والله الموفق.