للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١ - كان الشيخ الخضر الشنقيطي (١) وصل إلى حيدرآباد حين كنت بها، وجرت له أمور، وجرى مرّة ذكر شيخ الإسلام رحمه الله فقال الشنقيطي: "أنا لا أحب كتب ابن تيمية، ولا تطاوعني نفسي قراءة شيء مثها، ولقد جاء يوسف ياسين مرّة بجزء من فتاوى ابن تيمية، فتركه في بيتي، فلما علمت بذلك غضبت، واضطرب خاطري، وكرهت أن يبيت الجزء في بيتي، فلم أستقر حتى أرسلت به إلى صاحبه".

هذا معنى كلامه، هذه حاله وحال أشباهه، ينفرون من كتب شيخ الإسلام، ومن اسمه أيضًا، على نحو ما ورد في عمر بن الخطاب أن الشيطان يفر منه، فظننت أن هؤلاء لو رأوا في كتابي ترداد ذكر شيخ الإسلام، يوشك أن يعرضوا عن قراءته البتة، وأنا أرى المصلحة أن أجترهم إلى مطالعته لعلّ الله تعالى أن ينفعهم به.

٢ - كنت استعجلت في تأليف ذاك الكتاب، ولم يكن تحت يدي إذ ذاك من كتب شيخ الإسلام إلّا شرح "العقيدة الأصفهانية، وكنت قبل ذلك قد طالعت عدة من كتبه، وعدق بذهني كثير من فوائدها لا من حيث أنه ذكرها، بل من حيث أنها حجج واضحة، وما كان من هذا القبيل، فلم يزل أهل العلم يحتج آخرهم بما احتج به من قبله، ولا يتكلف العزو إليه، كما استدل عمر بن عبد العزيز بقول الله سبحانه: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى} على أن الإجماع حجة ... ". اهـ.


(١) قال الزيادي: ولقد عثرتُ على ورقة خطية بقلم المؤلف رحمه الله ضمن مجموع بيّن فيها لقائه مع الخضر الشنقيطي. قال رحمه الله: "لما وصل الشيخ الخضر الشنقيطي حيدرآباد كنت فيمن زاره، فجرى ذكر العلم والعلماء، فتكلم الشيخ الخضر بكلام في معنى فَقْدِ العلماء الحقيقين وتلا: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} احتجاجًا على أن من لا يخشى الله تعالى فليس بعالم، فقال بعض الفضلاء ما معناه: ليس في الآية دليل على هذا لأنها قصرت الخشية على العلماء ولا يلزم من ذلك قصر العلماء على أهل الخشية، فسكت الشيخ عن الجواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>