أنه كان يقول: ضرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام خيبر للزبير بن العوام أربعة أسهم: سهما للزبير وسهمًا لذي القربى -لصفية بنت عبد المطلب أم الزبير- وسهمين للفرس.
سعيد ومحاضر من رجال مسلم، وفي كل منهما مقال.
واقتصر النسائي في باب: سهمان الخيل على هذا الحديث، ولم يتعقبه بشيء، وذاك يشعر بأنه صحيح عنده لا يضره الخلاف.
وقد رواه عيسى بن يونس عند ابن أبي شيبة، ومحمد بن بشر العبدي عند الدارقطني (ص ٤٧١)، وابن عيينة عند الشافعي كما في "مسند" بهامش "الأم"(٦/ ٢٥٠) ثلاثتهم، عن هشام بن يحيى مرسلا ... ".
قال أبو أنس:
قول الشيخ المعلمي: "وذاك يشعرُ ... " ربما يقويه أن النسائي طويلُ النَّفَس في ذكر الخلاف في الأبواب، وربما ذكر أنواعًا من الخلاف قد لا تراها في كتاب آخر، فيصير تركه لخلاف مشهور ومؤثر؛ كإرسال موصول أو وقف مرفوع ونحو ذلك مُشعر بما قاله المعلمي، أو يقال: لعلَّه لم يطَّلِعْ عليه، ويؤيدُه خلوّ بعض الأبواب من أنواع من الخلاف الذي تراه في كتب الأئمة.
فكلا الطرفين يمكن رؤيتهما في سنن النسائي: طُول النَّفَس جدًّا، مع تفرده أحيانا بذكر وجوه من الخلاف، وفي المقابل: اقتصاره أحيانا على وجه واحد مع حكاية غيره وجوه أُخر.
ولذا، فالذي يظهر لي أن الترك حيئذ يصعب حَمْلُه على عدم الاعتداد أو على أنه رآه خلافا لا يضر، والساكت لا يُنسب له قولٌ إلا بقرينة قوية، والله تعالى أعلم.