للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو أنس:

بالرجوع إلى أصل كلام ابن الصلاح -الذي لم يَطَّلِعْ عليه المعلمي- يتضح المراد، فقد قال ابن الصلاح في كتابه "طبقات الشافعية" (١/ ١١٥ - ١١٦):

"كان أبو حاتم هذا: واسعَ العلم، جامعًا بين فنون منه، كثيرَ التصنيف، إمامًا من أئمة الحديث، كثيرَ التصرف فيه والافتنان، يسلك مسلك شيخه ابن خزيمة في استنباط فقه الحديث ونُكَتِهِ، وربما غلط في تصرُّفِهِ الغلطَ الفاحش على ما وجدتُّه". اهـ.

قلت:

فوضح أنه أراد غلطه في بعض استنباطاته وتأويلاته وتبويباته في كتابه "التقاسيم والأنواع" المعروف بـ "صحيح ابن حبان".

ولذا فقد عَقَّبَ الذهبيُّ في "الميزان" (٤/ ٤٢٧) قولَ ابن الصلاح بقوله: "صَدَقَ أبو عمرو، وله أوهام كثيرف تَتَبَّعَ بعضَها الحافظُ ضياء الدين" (١). اهـ.

وقال في "السير" (١٦/ ٩٧): "في تقاسيمه من الأقوال والتأويلات البعيدة والأحاديث المنكرة عجائب، وقد اعترف أن "صحيحه" لا يقدر على الكشف منه إلا من حفظه" (٢).

وأبان السيوطي عن سبب ذلك فقال في "تدريب الراوي" (١/ ١٠٩):

"صحيح ابن حبان ترتيبه مخترع، ليس على الأبواب ولا على المسانيد، ولهذا سماه


(١) سأورد ما ذكره الذهبي منها بعد قليل.
(٢) قال ابن حبان في مقدمة "التقاسيم والأنواع" (ص ١٥٠):
"قصدنا في نظم السنن حذو تأليف القرآن؛ لأن القرآن أُلِّفَ أجزاءً، فجعلنا السنن أقسامًا بإزاء أجزاء القرآن ... وإذا كان عنده هذا الكتاب وهو لا يحفظه، ولا يتدبر تقاسيمه وأنواعه، وأحبَّ إخراج حديث منه، صعب عليه ذلك، فإذا رام حفظه أحاط علمه بالكل، حتى لا ينخرم منه حديثه أصلًا، وهذا هو الحيلة التي احتلنا ليحفظ الناس السنن ... ".

<<  <  ج: ص:  >  >>