وتحقيقُ "المثلية" أن يكون بعضُ من لم يخرج عنه في "الصحيح" مثل مَنْ خرج عنه فيه، أو أعلى منه عند الشيخين، وتُعرفُ "المثلية" عندهما: إما بنصهما على أن فلانًا مثل فلان، أو أرفع منه، وقلَّما يوجد ذلك، وإما بالألفاظ الدالة على مراتب التعديل؛ كأن يقولا في بعض من احتجا به:"ثقة"، أو "ثبت"، أو "صدق"، أو "لا بأس به"، أو غير ذلك من ألفاظ التعديل، ثم يوجد عنهما أنهما قالا ذلك أو أعلى منه في بعض من لا يَحتجان به؛ لأن مراتبَ الرواةِ معيارُ معرفتِها ألفاظُ الجرح والتعديل.
ولكن هنا أمر فيه غموض لابد من الإشارة إليه، وذلك أنَّهم لا يكتفون في التصحيح بمجرد حال الراوي في العدالة والاتصال من غير نظر إلى غيره، بل ينظرون في حالة مع من روى عنه في كثرة ملازمته له أو قلتها، أو كونه في بلده ممارسًا لحديثه، أو غريبًا من بلد من أخذ عنه، وهذه أمور تظهر بتصفح كلامهم وعملهم في ذلك". اهـ. كلام العراقي
وقبل أن أختم تلك النقولات بتحرير الحافظ ابن حجر لهذه القضية، أُورد ما قاله الزركشي في "نكته" على ابن الصلاح، ليتم نقل ما له تعلق بأصحاب المعنى الثاني.
قال الزركشي في "نكته" (١/ ١٩٨) تعقيبًا على أصحاب المعنى الأول:
"ليس ذلك منهم بحسن؛ لِما ذكرنا من كلام الحاكم في خطبته أنه لم يشترط نفسَ الرجال المخرَّج لهم في "الصحيح"، بل اشترط رواة احتج بمثلهم الشيخان أو أحدهما، وإنما ينبغي منازعته في تحقيق المماثلة بين رجاله ورجال "الصحيحين".
نعم، القوم معذورون؛ فإنه قال عقب أحاديث أخرجها هو: صحيح على شرط مسلم، فقد احتج بفلان وفلان، يعني المذكورين في سنده، فهذا منه جنوح إلى إرادة نفس رجال "الصحيح"، وهو يخالف ما ذكره في مقدمة كتابه، ثم إنه خالف الاصطلاحين في أثناء كتابه، وقال -لما أخرج "التاريخ" و"السير": ولابد لنا من نقل كلام ابن إسحاق والواقدي". اهـ. كلام الزركشي.