وأهمية هذه المباحث هنا هو الوقوف على مدى حُجِّيَّةِ تصحيح الحاكم على شرط "الصحيح"، فإنه قد أكثر المتأخرون من الاحتجاج بتصحيح الحاكم على هذا النحو، وجعلوا تصحيحه من جملة الأدلة على صحة الحديث.
والمقصود هنا أن نقارن بين حُجِّية تصحيح الحاكم على شرط "الصحيح" وبين منهج الشيخين في إخراج الرجال في كتابيهما، بحيث يكون الكلام على تلك الحجية هو المدخل لما نحن بصدده، وسبق التنويه بأن الحاكم هو أكثر المصنفين استعمالًا لهذا النوع من التصحيح، وهو التصحيح على شرط الشيخين أو أحدهما.
تحقيق الحافظ ابن حجر لأقسام أحاديث "المستدرك":
قال ابن حجر في "النكت على كتاب ابن الصلاح":
"ينقسم "المستدرك" أقسامًا، كل قسم منها يمكن تقسيمه:
الأول: أن يكون إسناد الحديث الذي يخرجه محتجًّا برواته في "الصحيحين" أو أحدهما على صورة الاجتماع، سالمًا من العلل. واحترزنا بقولنا: على صورة الاجتماع عما احتجا برواته على صورة الانفراد؛ كسفيان بن حسين عن الزهري؛ فإنهما احتجا بكل منهما على الانفراد (١)، ولم يحتجا برواية سفيان بن حسين عن الزهري؛ لأن سماعه من الزهري ضعيف دون بقية مشايخه، فإن وُجد حديثٌ من روايته عن
(١) هذا وهم من الحافظ؛ فإن البخاري ومسلمًا لم يحتج واحد منهما بسفيان بن حسين أصلًا، إنما ذكره البخاري تعليقًا، وأخرج له مسلم في مقدمة صحيحه، ولأجل أن البخاري لم يسند من طريقه شيئًا، لم يذكره الحافظ فيمن تُكلم فيهم من رجال البخاري، وذلك في الفصل الذي عقده لذلك في مقدمة "فتح الباري". انظر: (ص ٤٢٦ - ٤٢٧). وكذلك لم يذكره أحد ممن صنَّف في رجال الشيخين، فذهوله هنا عجيب منه رحمه الله تعالى.