الكتاب، فأما الموضع الذي في ج ٤ (ص ٣٤٩) فإنما فيه "أخبرنا ... " وليس فيه لفظ "إملاء" ولا ذكر التاريخ.
والذي يظهر لي فيما وقع في "المستدرك" من الخلل أن له عدة أسباب:
الأول: حرص الحاكم على الإكثار، وقد قال في خطبة "المستدرك":
(قد نبغ في عصرنا هذا جماعة من المبتدعة، يشمتون برواة الآثار بأن جميع ما يصح عندكم من الحديث لا يبلغ عشرة آلاف حديث، وهذه الأسانيد المجموعة المشتملة على أَلْف جزء أو أقل أو أكثر كلها سقيمة غير صحيحة).
فكان له هوى في الإكثار للرد على هؤلاء.
والثاني: أنه قد يقع له الحديث بسندٍ عالٍ أو يكون غريبًا مما يتنافس فيه المحدثون فيحرص على إثباته، وفي "تذكرة الحفاظ" ج ٢ (ص ٢٧٠): قال الحافظ أبو عبد الله الأخرم: استعان بي السَّرَّاج في تخريجه على "صحيح مسلم" فكنت أتحير من كثرة حديثه وحسن أصوله، وكان إذا وجد الخبر عاليًا يقول: لابد أن نكتبه -يعني في المستخرج- فأقول: ليس من شرط صاحبنا -يعني مسلمًا- فشفعني فيه.
فعرض للحاكم نحو هذا؛ كما وجد عنده حديثًا يفرح بعلوه أو غرابته اشتهى أن يثبته في "المستدرك".
الثالث: أنه لأجل السببين الأولين، ولكي يخفف عن نفسه من التعب في البحث والنظر لم يلتزم أن لا يخرج ما له علة وأشار إلى ذلك، قال في الخطبة:
"سألني جماعة ... أن أجمع كتابًا يشتمل على الأحاديث المروية بأسانيد يحتج محمد ابن إسماعيل ومسلم بن الحجاج بمثلها؛ إذ لا سبيل إلى إخراج ما لا علة له؛ فإنهما رحمهما الله لم يَدَّعِيَا ذلك لأنفسهما".