للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما يَدُلُّ على وقوع المانع، مثل معرفة غنى الشخص المانع له من استحقاق الزكاة؛ فإنَّ ذلك يعرف بالعرف، ولا يكون العرف مستندًا لإِنشاء الأحكام من كون هذا الشيء حرامًا، أَوْ واجبًا، أَوْ سببًا، أَوْ شرطًا، أَوْ مانعًا، وإنَّما يعرف به وقوع السبب، أَوْ الشرط، أَوْ المانع على نحو ما مثلنا، والتي يحتاج إليها المفتي والقاضي وكل مكلف لإِيقاع الأحكام على محالها (١).

وما يذكره بعض الفقهاء من أَنَّ هناك عقودًا بُعِث النبي - صلى الله عليه وسلم - والناس يتعاملون بها ولم ينكرها، مثل المضاربة، وعدُّوا ذلك دليلًا على شرعيتها - فإنَّ أصل شرعيتها ليس العرف وإنَّما إقرار النبي - صلى الله عليه وسلم - لذلك، فهو من السُّنَّة التقريرية (٢).

وبما ذكرناه من أَنَّ العرف دليل على وقوع الحكم لا على شرعيته جرت أقلام العلماء، ومن ذلك ما يلي:

يقول الشيخ محمد فرج السنهوري (معاصر): "لا حاكم سوى الله - سبحانه -، ولا حكم إلَّا ما حكم به، ولا شرع إلَّا ما شرعه، على هذا اتفق المسلمون، وقال به جميعهم حتى المعتزلة الذين يقولون: إنَّ في الأفعال حسنًا وقبحًا يستقل العقل بإدراكهما، وإنَّ على


(١) الفروق ١/ ١٢٨، المنهاج القرآني للتشريع ٣٠٠، ٣٠١، وأشار إلى نقله عن الشيخ محمد السنهوري، وسيأتي نص كلامه، القرار الخامس للمجمع الفقهي بمكة المكرمة في دورته الأولى، أصول مذهب الإِمام أحمد ٦٧٠.
(٢) المبسوط ٢٢/ ١٩، بدائع الصنائع ٦/ ٧٩، أصول مذهب الإِمام أحمد ٥٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>