للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفاسق، فلا يجوز رده مطلقًا، بل يتثبت فيه حتى يتبين: هل هو صادق أَوْ كاذب؟ فإن كان صادقًا قُبِلَ قوله وعمل به، وفسقه عليه، وإن كان كاذبًا رُدَّ خبره، ولم يلتفت إليه" (١)، وسر المسألة: أَنَّ مدار قبول الشهادة وردها على غلبة ظن الصدق وعدمه، وهذا لا يكون إلَّا بعد اجتهاد القاضي في ذلك.

٣ - عن أبي هريرة -رضي الله عنه - قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "بينما امرأتان معهما ابناهما جاء الذئب، فذهب بابن إحداهما، فقالت هذه لصاحبتها: إنَّما ذهب بابنك أنت، وقالت الأخرى: إنَّما ذهب بابنك، فتحاكمتا إلى داود، فقضى به للكبرى، فخرجتا على سليمان بن داود -عليهما السلام - فأخبرتاه، فقال: ائتوني بالسكين أشقه بينكما، فقالت الصغرى لا تفعل- يرحمك الله- هو ابنها فقضى به للصغرى" (٢).

فقد قَدَّم سليمان هنا القرينة الحالية- وهي شفقة الصغرى على الابن-، قدمها على اعترافها بالابن للكبرى، وقضى به للصغرى، قال ابن القَيِّمِ: "فأي شيء أحسن من اعتبار هذه القرينة الظاهرة، فاستدل برضا الكبرى بذلك، وأَنَّها قصدت الاسترواح إلى التأسي بمساواة الصغرى في فَقْد ولدها، وبشفقة الصغرى عليه وامتناعها من


(١) الطرق الحكمية ٢٣٥.
(٢) متفق عليه واللفظ لمسلم، فقد رواه البخاري (الفتح ١٢/ ٥٥)، وهو برقم ٦٧٦٩، ومسلم (٣/ ١٣٤٤)، وهو برقم ١٧٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>