للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: قد رواها نعيم المجمر وهو ثقة، والزيادة من الثقة مقبولة. قلنا: ليس ذلك مجمعا عليه، بل فيه خلاف مشهور، فمنهم من يقبلها مطلقا، ومنهم من لا يقبلها، والصحيح التفصيل وهو أنها تقبل في موضع دون موضع، فتقبل إذا كان الراوي الذي رواها ثقة، حافظا، ثبتا، والذي لم يذكرها مثله، أو دونه في الثقة، كما قبل الناس زيادة مالك بن أنس قوله: " من المسلمين " في صدقة الفطر، واحتج بها أكثر العلماء، ومن حكم في ذلك حكما عاما فقد غلط، بل كل (١) زيادة لها حكم يخصها، ففي موضع يجزم بصحتها كزيادة مالك، وفي موضع يغلب على الظن صحتها كزيادة سعد بن طارق في حديث: " جُعلت لي الأرض مسجدا، وجعلت تربتها لنا طهورا ". وفي موضع يجزم بخطإ الزيادة كزيادة معمر ومن وافقه قوله:" وإن كان مائعا فلا تقربوه "، وكزيادة عبد الله بن زياد ذكر البسملة في حديث:" قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين "، وإن كان معمر ثقة، وعبد الله بن زياد ضعيفا، فإن الثقة قد يغلط، وفي موضع يغلب على الظن خطؤها كزيادة معمر في حديث ماعز: " الصلاة عليه "، رواه البخاري في " صحيحه "، وسئل هل رواها غير معمر؟ فقال: لا، وقد رواه أصحاب السنن الأربعة عن معمر، وقال فيه:" ولم يصل علي " فقد اختلف على معمر في ذلك، والراوي عن معمر هو: عبد الرزاق، وقد اختلف علي أيضاً، والصواب أنه قال:" ولم يصل عليه ".

وفي موضع يتوقف في الزيادة كما في أحاديث كثيرة، وزيادة نعيم المجمر التسمية في هذا الحديث مما يتوقف فيه، بل يغلب على الظن ضعفه، وعلى تقدير صحتها فلا حجة فيها لمن قال بالجهر، لأنه قال: " فقرأ " أو" فقال: (بسم الله الرحمن الرحيم) ، وذلك أعم من قراءتها سرا أو جهرا، وإنما هو حجة على من لا يرى قراءتها.

فإن قيل: لو كان أبو هريرة أسر بالبسملة، ثم جهر بالفاتحة لم يعبر


(١) في الأصل: وكان " خطأ، وما أثبتناه من نصب الراية (١ / ٣٣٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>