للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكيف يعل الحديث الصحيح الذي رواه مسلم في " صحيحه " بالحديث الضعيف الذي رواه الدارقطني عن كذاب متروك لا شيء؟ ! وهلا جعلوا الحديث الصحيح علة للضعيف ومخالفة أصحاب أبي هريرة الثقات الأثبات لنعيم موجبا لرده؟ إذ مقتضى العلم أن يعلل الحديث الضعيف بالحديث الصحيح، كما فعلنا نحن.

ومنها: ما أخرجه الخطيب، عن أبي أويس، واسمه: عبد الله بن أويس، قال: أخبرني العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة

" أن النبي- عليه السلام- كان إذا أم الناس جهر ب (بسم الله الرحمن الرحيم) ".

ورواه الدارقطني في " سننه " (١) ، وابن عدي في " الكامل " (٢) فقالا فيه: " قرأ " عوض " جهر "، وكأنه رواه بالمعنى، والجواب: أن هذا غير محتج به، لأن أبا أويس لا يحتج بما انفرد به، وكيف إذا انفرد بشيء وخالفه فيه من هو أوثق منه؟ ! مع أنه متكلم فيه، فوثقه جماعة، وضعفهْ آخرون، وممن ضعفه: أحمد بن حنبل، وابن معين، وأبو حاتم الرازي، وممن وثقه: الدارقطني، وأبو زرعة. وقال ابن عدي: يكتب حديثه.

فإن قيل: أبو أويس قد أخرج له مسلم في " صحيحه ". قلت: صاحبا الصحيح إذا أخرجا لمن تكلم فيه إنما يخرجان بعد انتقائهما من حديثه ما توبع علي، وظهرت شواهده، وعلم أن له أصلا، ولا يخرجان ما تفرد به سيما إذا خالفه الثقات، وهذه العلة راجت على كثير ممن استدرك على " الصحيحين"، فتساهلوا في استدراكهم، وفي أكثرهم تساهلا الحاكم أبو عبد الله في كتابه " المستدرك " فإنه يقول: هذا على شرط الشيخين، أو أحدهما، وفيه هذه العلة، إذ لا يلزم من كون


(١) (١/٣٠٦)
(٢) (٥ / ٣٠١) ترجمة عبد الله بن عبد الله بن أبي عامر أبي أويس.

<<  <  ج: ص:  >  >>