الثالث: مَن يَقُولها في الصلاة وكيف يقولها؟ قال أصحابنا: وإذا قال الإمام: "ولا الضالين" قال: "آمين" ويَقولُها المؤتم. وروى الحسن عن أبي حنيفة: لا يقولها الإمام لأنه دل والمستمع المأموم، وإنما يؤمن المستمع دون الداعي كما في سائر الأدعية خارج الصلاة.
فإن قيل: ما يقولُ في قوله- عليه السلام-: "إذا أمّن الإمام فأمنوا"؟ قلنا: سُمِّي الإمامُ مُؤمنا باعتبار التسبيب، والمُسببُ يجوز أن يسمى باسم المُباشِر كما يُقال: بَنَى الأميرُ داره، وبمثل هذه الرواية في "المدونة" عن مالك، وفي (العارضة) عنه: لا يؤمن الإمام في صلاة الجهر. وقال ابن حبيب: يُؤمِّن. وقال يحيي بن بكير: هو بالخيار. وقال السفاقسي: وزعمت طائفة من المبتدعة أن لا فضيلة فيها، وعن بعضهم: أنها تفسد الصلاة. وقال ابن حزم: يقولها الإمام سُنَةَ والمأموم فرضا.
وأما كيفية قولها: فقال أصحابنا: الإمام والجماعة يخفونها. وقال الشافعي: يجهر بها الإمام في الصلاة التي يجهر فيها بالقراءة، والمأموم يخافت؛ هكذا ذكر المزني في "مختصره". وفي (الخلاصة) للغزالي: ومن سنن الصلاة: أن يجهر بالتأمين في الجهرية. وقال في (شرح البخاري) : ويجهر بها المأموم عند أحمد وإسحاق وداود. وقال جماعة: يخفيها؛ وهو قول أبي حنيفة والكوفيين، وأحد قولي مالك والشافعي في "الجديد"، وفي "القديم ": يجهر. وعن القاضي حسين عكسُه. قال النووي: وهو غلط؛ ولعله من الناسخ. وقال ابن الأثير: لو قال: "آمين رب العالمين"، وغير ذلك من ذكر الله كان حسناً ثم الشافعي ومن معه تمسكوا في الجهر بالتأمين بهذا الحديث وأمثاله. واحتج أصحابنا بأخبار وآثار؛ منها:((١) ما روى أحمد، وأبُو داود الطيالسي، وأبُو يعلى الموْصلي في "مسانيدهم"، والطبراني في "معجمه"، والدارقطني في