" سننه "، والحاكم في "المستدرك " من حديث شعبة، عن سلمة بن كهيل، عن حجر أبي العنبس، عن علقمة بن وائل، عن أبيه أنه صلى خلف النبي- عليه السلام-، فلما بلغ " غير المغضوب عليهم ولا الضالين" قال: "آمين "، وأخفى بها صوته. أخرجه الحاكم في كتاب " القراءة" ولفظه: وخفض بها صوته. وقال: حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وقال الدارقطني: هكذا قال شعبة: "وأخفى بها صوته " ويُقالُ: إنه وهِم فيه شعْبة؛ لأن سفيان الثوري ومحمد بن سلمة بن كهيل وغيرهما رووه عن سلمة فقالوا:"ورفع بها صوته"؛ وهو الصواب. وطعن صاحب "التنقيح، في حديث شعبة هذا بأنه قد روي عنه خلافه؟ كما أخرجه البيهقي في " سننه" عن أبي الوليد الطيالسي: نا شعبة، عن سلمه بن كهيل: سمعت حجرا أبا عنبس يُحدثُ عن وائل الحضرمي أنه صلى خلف النبي- عليه السلام- فلما قال: "ولا الضالين" قال: "آمين " رافعا بها صوته. قال: فهذه الرواية توافق رواية سفيان. وقال البيهقي في " المعرفة": إسناد هذه الرواية صحيح، وكان شعبة يقول: سفيان أحفظ. وقال يحيى القطان ويحيى بن معين: إذا خالف شعبةُ سفيانَ (١) ، فالقولُ: قول سفيان- قال: وقد أجمع الحفاظ- البخاري وغيره- أن شعبة أخطأ، وقد روي من أوجه: فجهر بها. انتهى.
قلنا: يكفي لصحة الحديث تصحيح الحاكم وقول الدارقطني، ويقال: إنه وَهم فيه شعبة يدلُ على قلة اعتنائه بكلام/ هذا القائل- وأيضاً قولهم في مثل شعبة: " إنه وهم" لكونه غير معصوم موجود في سفيان، فربما يكون هو وهم، ويمكن أن يكون كلا الإسنادين صحيحاً وقد قال بعض العلماء: والصوابُ أن الخبرين بالجهر بها والمخافتة صحيحان، وعمل بكل منهما جماعة من العلماء، وإن كنتُ مختارا خفضَ الصوت بها؛ إذ كانت الصحابةُ والتابعون على ذلك.
(١) في الأصل: "إذا خالف شعبة يقول سفيان" كذا، وما أثبتناه من نصب الراية.