للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: (١) قال ابن القطان في كتابه: هذا الحديث فيه أربعة أمور؛ أحدها: اختلاف سفيان وشعبة؛ فشُعبةُ يقولُ:" خَفضَ "، وسفيانُ يقول: " رَفعَ "؛ الثائي: اختلافهما في حُجْر؛ فَشعبةُ يقولُ: حُجر أبو العَنْبس، والثوريُّ يقولُ: حُجر بن عَنْبَسْ، وصوب البخاري وأبو زرعة قولَ الثوري، ولا أَدْري لمَ لم يُصَوبْ قولُهما جميعاً حتى يكون حُجرُ بن عنبس أبا العَنْبس، اللهَم إلا أن يكونا قد علما أنه له كنيةً أخرى، الثالث: أن حُجراً لا يُعرفُ حالُه، والرابع: اختلافُهما - أيضا-؛ فجعَلَه الثوري من رواية حُجْر، عن وائل، وجعَله شعبةُ من رواية حُجر، عن علقمة بن وائل، عن وائل.

قلنا: أما الجوابُ عن الأول: فيُقال: لا يَضر اختلاف سفيان وشعبة؛ لان كلا منهما إمامٌ عظيمٌ في هذا الباب، فلا يُسقطُ رواية أحدهما برواية الآخر، فكل ما يُقالُ في أحدهما من الوَهْم ونحوه يَصدُقُ على الآخر، فلا تحصل بهذا فائدة- كما قررنا آنفا.

والجواب عن الثاني: أن هذا ليس باختلاف؛ لأن حُجراً يجوز أن تكون كنيته: أبا العنبس، ويكونَ هو ابن العَنْبس، فذكره شعبة بكُنْيته والثوريُّ بنَسَبه. وقوله: " اللهم إلا أن يكونا قد عَلما أن له كنيةً أخرى" لا يَضرّنا هذا؛ لأن الشخصَ يجوز أن يكون له كنيتان أو كثر، وكذلك قال الترمذي في " العلل الكبير": سمعتُ محمد بن إسماعيل يَقولُ: حَديثُ الثوري، عن سلمة في هذا الباب أصحُّ من حديث شعبة، وشعبةُ اخطأ في هذا الحديث في مواضع قال: عن سلمة بن حُجر أبي العَنْبس؛ وإنما هو ابن عنبس وكنيتُه: أبو السَّكن. وهذا- أيضا- بَعيدٌ من البخاري، فكيف يُخطئ مثلَ شعبة بمثل هذا الكلام؟ لأنه لمَ لا يجوز ابن يكون حُجر مكنى بكُنيتَين بأبي العنبر وبأبي السَّكن، فذكَره شعبةُ بكُنيته التي عَرفه بها، وغيرهُ ذكره بكُنْيته الأخرى، فهذا ليس بمستحيل ولا مُستَبْعدِ حتى يُخطَّأ شُعْبةُ بمثل هذا.


(١) انظر: نصب الراية (١/ ٣٦٩- ٠ ٣٧) .
٣١. شرح سنن أبي داود ٤

<<  <  ج: ص:  >  >>