للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: أما الأمر وهو قوله " فليقل" وليس في تشهد ابن عباس في ألفاظهم الجميع إلا في لفظ للنسائي: " إذا قعدتم في كل ركعتين فقولوا" وفي لفظ له: " قولوا في كل جلسة" وأما الألف واللام: فإن مسلما، وأبا داود، وابن ماجه، لم يذكروا تشهد ابن عباس إلا معرفا بالألف واللام. وذكره الترمذي، والنسائي مُنكرًا: " سلام عليك أيها النبي، سلام علينا". وكان برهانُ الدين اعتمد على هذه الرواية.

وأما الواو: فليْس في تشهد ابن عباس عند الجميع. وأما التعليم: فهو- أيضا- في تشهد ابن عباس عند الجميع: " كان رسول الله يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القراَن". هكذا لفظ مسلم، وفي لفظ الباقين: كما يعلمنا القراَن.

وفي تشهد ابن مسعود: تَراجيح أُخر؛ منها: أن الأئمة الستة اتفقوا عليه لفظا ومعنى؛ وذلك نادر، وتشهد ابن عباس معدود في أفراد مسلم، وأعلى درجة الصحيح عند الحُفاظ: ما اتفق عليه الشيخان، ولو في أصله فكيف إذا اتفقا على لفظه؟. ومنها: إجماع العلماء على أنه أصح حديث في الباب- كما تقدم من كلام الترمذي. ومنها: أنه قال فيه: "علمني التشهد كفي بين كفيه"، ولم يقل ذلك في غيره؛ فدل على مزيد الاعتناء والاهتمام به.

ثم اختلفت العلماء في التشهد هل هو واجب أم سُنة؟ فقال الشافعي وطائفة: التشهدُ الأولُ سُنة، والأخير: واجب. وقال جمهور المحدثين: هما واجبان. وقال أحمد: لأول واجب، والثاني: فرض. وقال أبو حنيفة، ومالك، وجمهور الفقهاء: هما سنتان. وعن مالك رواية بوجوب الأخير. وقال ابن بطال: أجمع فقهاء الأمصار أبو حنيفة، ومالك، والثوري، والشافعي، وإسحاق، والليث، وأبو ثور على أن التشهد الأول ليس بواجب، حاشا أحمد؛ فإنه أوجبه، ونقل ابن الأثير وجوبهما عن أحمد وإسحاق، ونقله ابن التين- أيضا- عن الليث وأبي ثور. وفي " المغني": إن كانت الصلاة مغربًا أو رباعية، فهما

<<  <  ج: ص:  >  >>