إذا سلم ساهياً على الركعتين وهو في مكانه لم يصرف وجهه عن القبلة، ولم يتكلم، يَعُود إلى قضاء ما عليه، ولو اقتدى به رجل يصح اقتداؤه،
أما إذا صرف وجهه عن القبلة: فإن كان في المسجد ولم يتكلم فكذلك؛ لأن المسجد كله في حكم مكان واحد؛ لأنه مكان الصلاة، وإن كان خرج من المسجد ثم تذكر لا يعودُ وتفسد صلاته، وأما إذا كان في الصحراء: فإن تذكر قبل أن يُجاوز الصفوف من خلفه أو من قبل اليمين أو اليسار، عاد إلى قضاء ما عليه وإلا فلا، وإن مَشى أمامه: لم يذكره في الكتاب، وقيل: إن مشى قدر الصفوف التي خلفه تفسد وإلا فلا؛ وهو مَرْوي عن أبي يوسف اعتبار لأحد الجانبين بالآخر. وقيل: إذا جاوز موضع سجوده
لا يعود؛ وهو الأصح، وهذا إذا لم يكن بين يديْه سُتْرة، فإن كان يعود
ما لم يجاوزها؛ لأن داخل السترة في حكم المسْجد، والله أعلم. والجواب عن الحديث: أنه منسوخ- كما استوفينا الكلام فيه في:" باب رد السلام في الصلاة ".
ومنها: فيه حجة لأصحابنا أن لسَجْدتي السهو بعد السلام؛ لقوله:"وصلى الركعتين الباقيتَيْن ثم سلم "، وقال الشافعي: قبل السلام.
ومنها: فيه دليلٌ على أن سجود السَهْو سَجْدتان.
ومنها: فيه دليل على أنه في آخر الصلاة.
ومنها: فيه دليل على أن سجود السهو يتداخل؛ وهو مذهب الجمهور، وقيل: يتعدّدُ بتعَدُّد السَهْو.
الثالث: أن هذا الحديث أخرجه الأئمة الستة، ورواه ابن حبان في "صحيحه" في النوع السابع عشر من القسم الخامس ولفظه: قال: صلى رسول الله الظهر أو العَصْر فسلم في الركعتين فقال ذو الشمالين بن عبد عمرو حَليف لبني زهرة: أخُففت الصلاة أم نسيتَ يا رسول الله؟ فقال- عليه السلام-: " ما يقول ذو اليدين؟ " قالوا: يا نبي الله صدق، قال: فأتم بهم الركعتين اللتين نقصهما ثم سلم.