ودعاه يُلحق بالقرى، ثم استدل أبو حنيفة على أنها لا تجوز في القرى بما رواه عبد الرزاق في " مصنفه ": أخبرنا معمر، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن عليّ- رضي الله عنه- قال: لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع. ورواه ابن أبي شيبة في "مصنفه": ثنا عباد بن العوام، عن حجاج، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي قال: لا جمعة ولا تشريق، ولا صلاة فطر، ولا أضحى إلا في مصر جامع، أو مدينة عظيمة.
وروى- أيضا- بسند صحيح: نا جرير، عن منصور، عن طلحة، عن سعد بن عَبيدة، عن أبي عبد الرحمن قال: قال علي: لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع.
ولا التفاتَ إلى قول النووي: حديث علي ضعيف متفق على ضعفه، وهو موقوف عليه بسند ضعيف منقطع، فكأنَّه عثَر على حديث عليّ من طريق حجاج بن أرطأة، ولم يَعثر على طريق جرير، عن منصور؛ فإنه سند صحيح، ولو اطلع عليه ما ادعى هذه الدعوى. وأما قوله:" متفق على ضعفه " فزيادة من عنده، ولا يُدْرى من سلَفُه في ذلك، على أن أبا زَيْد زعم في" الا"سْرار " أن محمد بن الحسن قال: رواه مرفوعا: معاذ، وسراقةُ بن مالك. وروى أبو بكر بن أبي شيبة، عن ابن فضيل، عن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عبد الله بن عَمرو ابنه كان يشهد الجمعة في الطائف وهو في قرية يُقال لها: الوَهْطُ على رأس ثلاثة أميال. وروى عن عبد الأعلى، عن معمر، عن الزهري أنهم كانوا يشهدون الجمعة مع النبي- عليه السلام- من ذي الحليفة.
وعن وكيع، عن أبي البُحْتري قال: رأيتُ أنسا شهدَ الجمعةَ مِنَ الزاوية؛ وهي فرسخان من البصرة.
وعن أزهر، عن ابن عون قال: كان أبو المليح عاملاً على الأبلة، فكان إذا أتت الجمعة جمّع منْها.