للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفرض في اللغة بمعنى التقدير. وقال الخطابي (١) : " هذا قول عائشة عن نفسها وليست برواية عن رسول الله- عليه السلام- ولا بحكاية لقوله. وقد رُوي عن ابن عباس مثل ذلك عن (٢) قوله، فيحتمل أن يكون الأمر في ذلك كما قالاه , لأنهما عالمان فقيهان، قد شهدا زمان رسول الله وصحباه، وإن لم يكونا شهدا أول زمان الشريعة وقت إنشاء فرض الصلاة على النبي- عليه السلام-، فإن الصلاة فرضت عليه بمكة، ولم تلق عائشة رسول الله إلا بالمدينة، ولم يكن ابن عباس في ذلك الزمان [في سن] (٣) مَنْ يَعْقل الأمور، ويَعْرف حقائقها، ولا يبعد ابن يكون قد اتخذ هذا الكلام عن عائشة، فإنه قد يفعلُ ذلك كثيرا في حديثه، وإذا فتشت عن كثر ما يرويه كان ذلك سماعا عن الصحابة، ماذا كان كذلك، فإن عائشة نفسها قد ثبت عنها أنها كانت تُتم في السافر وتصلِي أربعا وقال الشيخ محيي الدين (٤) : معنى " فرضت الصلاة ركعتين " لمن أراد الاقتصار عليهما، فزيد في صلاة الحضر ركعتان على سبيل التحتيم، وأقرت صلاة السفر على جواز الاقتصار، وثبتت دلائل جواز الإتمام، فوجبَ المصير إليها، والجمع بين دلائل الشرع، ثم ذكر تتميم عائشة الصلاة في السفر وكذلك عثمان، وقول عروة ابنها تأولت كما تأول عثمان، وقال: اختلف العلماء في تأويلهما، فالصحيح الذي عليه المحققون ابنهما رأيا القصر جائزا والإتمام جائزاً فأخذا بأحد الجائزين وهو الإتمام. وقيل: لأن عثمان إمام المؤمنين، وعائشة أمهم، فكأنهما في منازلهما، وأبطله المحققون بأن النبي- عليه السلام- كان أوْلى بذلك منهما، وكذلك أبو بكر وعمر، وقيل: لأن عثمان تأهل بمكة، وأبطلوه بأن النبي- عليه السلام- سافر بأزواجه وقصر، وقيل: فعل ذلك من اجل الأعراب الذين حضروا معه، لئلا يظنون " أن فرض الصلاة ركعتان أبدأ حضرا وسفراً وأبطلوه بأن هذا المعنى كان موجودا في زمن النبي- عليه


(١) معالم السنن (١/ ٢٢٤- ٢٢٥) .
(٢) كذا، وفي " المعالم " " من "
(٣) زيادة من " المعالم ".
(٤) شرح صحيح مسلم (٥/ ١٩٥) .
(٥) كذا، والجاد ة " يظنوا ".

<<  <  ج: ص:  >  >>