للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال أيضاً اختلف أصحابنا في قبول توبة الزنديق، وهو الذي ينكر الشرع جملة، فذكروا فيه خمسة أوجه، لأصحابنا أنصحها والأصوب منها قبولها مطلقا للأحاديث الصحيحة المطلقة، والثاني: لا تُقبل، ويتحتم قتله، لكنه إن صدق في توبته نفعه ذلك في الدار الآخرة، وكان من أهل الجنة، والثالث: أنه إن تاب مرة واحدة قُبلت توبته، فان تكرر ذلك منه لم تقبل. والرابع: إن أسلم ابتدأ من غير طلب قُبل منه، دان كان تحت السيف فلا، والخامس: إن كان داعيا إلى الضلال لم يُقبل منه وإلا قُبل قلت: الزنديق يقتل عندنا، وتقبل توبته بالإجماع، إلا عند الشافعي، ورواية عنا، كذا ذكرته في شرحي على " المجمع".

قوله: " من فرق بين الصلاة والزكاة " قال الشيخ محيي الدين (١) :

"ضبطناه بوجهين: فَرق" و " فَرَقَ" بتشديد الراء، وتخفيفها، ومعناه: من أطاع في الصلاة، وجحد في الزكاة، أو منعها ".

قوله: "لو منعوني عقالا(٢) هكذا في مسلم أيضا "عقالا " وكذا

في بعض روايات البخاري، وفي بعضها " عناقا" لما يجيء الآن، وكلاهما صحيح، ورواية " العقال" اختلف العلماء فيها قديما وحديثا، فذهب جماعة منهم إلى أن المراد بالعقال زكاة عام، وهو معروف في اللغة بذلك، وهذا قول الكسائي، والنضر بن جميل، واجبي عبيد، والمبرد وغيرهم من أهل اللغة، وهو قول جماعة من الفقهاء، واحتج هؤلاء على أن العقال يطلق على زكاة العام بقول عمرو بن العداء:

سعى عقالا فلم يترك لنا سبْدا ... فكيف لو قد سعى عمرو عقالين

أراد مدة عقال، فنصبه على الظرف، وعمرو هذا هو عمرو بن عتبة

ابن أبي سفيان الساعي، ولاه عمه معاوية بن أبي سفيان صدقات كلب فقال فيه قائلهم ذلك، قالوا: ولأن العقال الذي هو الحبل الذي يعقل فيه


(١) شرح صحيح مسلم (٢٠٧/١) .
(٢) المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>