للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى أن معناه: لو كان لرجل بالكوفة أربعون شاة، وبالبصرة أربعون كان عليه شاتان، لقوله: " لا يجمع بين متفرق " ولو كان له ببغداد عشرون، وبالكوفة عشرون لا شيء عليه، ولو كانت له إبل في بلدان شتى جمعت وجبت فيها الزكاة، وإن لم تجمع لم تجب في كل بلد، لا يجب عليه فيها شيء.

قوله:" ولا يفرق بين مجتمع" صورته أن يكون شريكان ولكل واحد منهما مائة شاة وشاة، فيكون عليهما في حالتهما ثلاث شياه، ثم يفرقان عنهما عند طلب الساعي الزكاة، فلم يكن على كل منهما إلا شاة واحدة.

قوله:" خشية الصدقة" نصب على التعليل، أي: لأجل خوف الصدقة، قال الشافعي: الخطاب في هذا للمصدق، ولرب المال، قال: والخشية خشيتان: خشية الساعي أن تقل الصدقة، وخشية رب المال أن يقل ماله، فأمر كل واحد منهما أن لا يحدث في المال شيئا من الجمع، والتفريق.

قوله: "وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية " معناه أن يكونا شريكين في إبل تجب فيها الغنم، فتؤخذ الإبل في يد أحدهما، فتؤخذ منه صدقتها، فإنه يرجع على شريكه بحصته على السوية، وفيه دلالة على أن الساعي إذا ظلمه فأخذ منه زيادة على فرضه، فانه لا يرجع بها على شريكه، وإنما يغرم له قيمة ما يخصه من الواجب دون الزيادة، التي هي ظلم، وذلك معنى قوله: " بالسوية"، وقد يكون تراجعهما أيضا من وجه آخر، وهو أن يكون بين رجلين أربعون شاة، لكل منهما عشرون، قد عرف كل منهما عين ماله، فأخذ المصدق من نصيب أحدهما شاة، فيرجع المأخوذ من ماله على شريكه بقيمة نصف شاة.

وقال الخطابي (١) : وفيه دليل على أن الخلطة تصح مع تميز أعيان


(١) معالم السنن (٢/ ٢٣- ٢٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>